جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
السراج الوهاج للمعتمر والحاج
49274 مشاهدة
هل جدة ميقات

وسُئِلَ وفقه الله تعالى:
بعض الناس يأتي مكة قاصدا الحج أو العمرة، ويتجاوز الميقات متجها إلى جدة لأداء بعض الأعمال هناك، ويمكث في جدة ثلاثة أيام أو أكثر، فإذا انتهى من أعماله وأراد العمرة فإنه يحرم من جدة ولا يرجع للميقات ليحرم منه، ويفتيه بعض الناس بأن من مكث في جدة ثلاثة أيام أو أكثر فإنه يحرم من جدة ولا يحتاج أن يرجع إلى الميقات، فهل من دليل على هذا؟
فأجاب:
جدة ميقات أهلها، وأما غير أهلها فليست ميقاتا لهم، إلا إذا كانوا من أهل السودان الذين يأتون في الباخرة أو في الطائرة، فيقول بعض العلماء: أن جدة ميقات لهم.
أما أهل مصر وأهل الشام فميقاتهم الجحفة إذا لم يمروا بذي الحليفة التي هي ميقات أهل المدينة فمن جاء إلى جدة وقد نوى الحج أو العمرة وتجاوز الميقات ولم يحرم وكان من أهل الشام أو مصر أو السواحل فإنه إذا أقام في جدة مدة وأراد أن يحرم، فعليه أن يرجع إلى الجحفة وهي قريبة من رابغ ليحرم من هناك، ولا يحرم من جدة ومن جاء إلى جدة مثلا من نجد أو من المشرق أو من العراق ووصل إلى جدة وأقام فيها مدة وهو يريد أن يحج، فإذا أراد الإحرام رجع إلى ميقات أهل نجد وهو قرن المنازل وهكذا من جاء إلى جدة من أهل اليمن أو من أهل الحدود الجنوبية وتجاوز الميقات الذي هو يلملم ثم أراد أن يحرم بعد ما أقام في جدة مدة وعزم على الإحرام أو النسك، فإنه يرجع إلى ميقاته الذي هو ( يلملم ويسمى بالسعدية ).
أما من جاء إلى جدة ولم يكن من نيته إحرام، ولا حج ولا عمرة، ولكن طرأ عليه وخطر بباله الإحرام، بعد ما وصل إلى جدة فله في هذه الحال أن يحرم من جدة .
ولا صحة لثلاثة أيام ولا عشرة ولا لعشرين؛ ما دام أنه عازم على العمرة قبل أن يأتي، فإنه يرجع إلى الميقات.
فأما إذا لم يكن عازما على الحج أو العمرة ولم تخطر على باله، فلو لم يجلس في جدة إلا ساعة فله أن يحرم منها، لأن الأمر حصل طارئا فيما بعد ولم تكن فيه نية مسبقة.
وإذا أحرم من جدة وهو ليس من أهلها ، وقد عزم على العمرة أو الحج من قبل، ولم يحرم من الميقات فإن عليه دم جبران ، ولا ينفعه الرجوع بعد الإحرام ، والله أعلم.