شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
السراج الوهاج للمعتمر والحاج
49257 مشاهدة
رمي الجمار أيام التشريق

وأما الرمي : فهو أحد الواجبات، وأول وقته بعد زوال الشمس، وآخره غروبها على المختار، ورخص بعض المشايخ في الرمي ليلا، امتدادا للنهار قبله.
والبدء بالجمرة الصغرى التي تلي مسجد الخيف فيرميها بسبع حصيات متعاقبات، ثم يبتعد عن الزحام ويستقبل القبلة، ويرفع يديه فيدعو طويلا بما تيسر، ويصح رميها من كل الجهات.
ثم بعدها الجمرة الوسطى يرميها بسبع كذلك، ويدعو بعدها.
ثم جمرة العقبة ولا يدعو بعدها.
يفعل ذلك في كل يوم من أيام التشريق الثلاثة ، إن لم يتعجل، وله أن يتعجَّل في يومين ولا إثم عليه، فإن غربت عليه الشمس في اليوم الثاني وهو في منى ؛ لم يرحل لزمه المبيت والرمي في اليوم الثالث بعد الزوال، وقد روي عن الإمام أحمد جواز الرمي قبل الزوال يوم النفر، كما ذكره في المغني والإنصاف وغيرهما، ولعل ذلك يجوز في هذه الأزمنة لأجل الزحام الشديد الذي قد أودى بحياة بشر كثير.
ثم إن أيام منى هي أيام أكل وشرب، ولهذا لا يجوز صيامها إلا لمن لم يجد الهدي، ولم يتمكن من الصيام قبل يوم النحر، وكذا يسن فيها التكبير بعد الصلوات المكتوبة، والإكثار من ذكر الله تعالى ليلا ونهارا، لقوله تعالى: وّاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ (سورة البقرة ، الآية:203) وذلك عند الذبح والأكل والرمي، وفي كل الحالات والله أعلم.