إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
السراج الوهاج للمعتمر والحاج
49250 مشاهدة
يوم التروية (اليوم الثامن من ذي الحجة)

إذا كان يوم التروية وهو اليوم الثامن من ذي الحجة، استحب للحجاج الذين حلّوا من إحرامهم بعد العمرة وهم المتمتعون أن يحرموا بالحج من مساكنهم وأماكن إقامتهم.
كذلك يُستحب لأهل مكة ومجاوريها، ممن أراد الحج أن يحرموا من بيوتهم.
فيعقد الحاج النية بالحج في قلبه ويلبي بالحج فيقول: (لبيك حجا)، وإن كان خائفا اشترط في إحرامه كما ذكرنا سابقا فيقول: فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني .
أما القارنون والمفردون فهم باقون على إحرامهم الأول ، حتى يؤدوا باقي مناسكهم.
يتوجه جميع الحجاج بعد الإحرام إلى منى قبل الزوال أو بعده، فيصلُّوا فيها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، يقصرون الرباعية.
ويبيت الحجاج في منى تلك الليلة وهي ليلة التاسع من ذي الحجة، وهذا المبيت يعتبر سُنة مؤكدة، وإن ذهب بعض العلماء إلى وجوبه لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- وخلفاءه حافظوا عليه، فكانوا يبيتون ليلة تسع في منى ويتوجهون صباح التاسع بعد طلوع الشمس إلى عرفة فيكون هذا المبيت مؤكدا ، والذين يتركونه يتركون فضلا كبيرا ، ثم إن غالب الذين يتركونه هم الذين يتعلقون بغيرهم، وغالبهم من الوافدين الذين يحملهم المطوفون، وذلك أن المطوف يشق عليه أن يسكنهم أولا بمكة ثم بمنى ثم بعرفة ثم بمزدلفة ثم بمنى ثم بمكة فهو ينقلهم رأسا من مكة إلى عرفة ويترك هذه الشعيرة وهذه السُّنة، وهي المبيت بمنى ليلة عرفة وهذا فيه تقصير وخطأ ونقص في حجهم، ولكن لجهل أولئك الوافدين ولإحسانهم الظن بهذا المطوف واعتقادهم نصحه، لا ينتبهون لما يفوتهم ، ولا يسألون غيرهم، ويكتفي المطوف بإطعامهم ونقلهم وإسكانهم، أما التعليم والإرشاد فقلَّ من يهتم به، وكان الأولى بهم أن يتركوا ذلك المطوف ، وأن يبيتوا بأنفسهم بمنى ويذهبوا على أرجلهم في صباح اليوم التاسع إلى مخيماتهم في عرفة ولكن لا يأتيهم من يُوَجِّهُهُم، وأما من هو منفرد فإنَّه يُتأكد في حقه أن لا يترك هذا المبيت في هذا اليوم.
وعلى الحجاج المحرمين في ذلك اليوم سواء المتمتع ، أو القارن، أو المفرد، أن يشتغلوا في حال إحرامهم بالتلبية ، وذلك لأن التلبية شعار للحجاج ، وعلامة واضحة على أنه متلبس بهذا النسك ، فيرفعون أصواتهم بالتلبية ويكررونها.