لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
219966 مشاهدة
موانع الإرث

وموانعه ثلاثة: القتل، والرِّق، واختلاف الدِّين.


موانع الإرث
قوله: (وموانعه ثلاثة: القتل، والرِّق، واختلاف الدِّين):
يعني: هذه الأسباب التي تمنع الإرث وهي:
أولا: القتل: وهو ما أوجب دية أو قصاصًا أو كفارة، فإن القاتل يحرم من الإرث، هكذا ورد في الحديث، وفي قصة قتادة المدلجي أنه قتل ولدًا له، فلما قتله أمره عمر-رضي الله عنه- بدفع الدية حيث إنه يسقط القصاص عن الأب فلا يقتل والد بولده، ولكن عليه دفع الدية، وهذه الدية ليس له منها شيء، فهي تدفع لأمه ولاخوته، فلم يعط عمر-رضي الله عنه- القاتل شيئًا من الدية ولو كان أبا قتل ولده، لأن القاتل يحرم من الإرث هذا إن كان القتل عمدًا.
وإن كان القتل خطأ، وهو الذي فيه الكفارة لقوله تعالى: وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ النساء: 92 فلا يرث أيضا سدًّا للباب، مخافة أن يتسرع أحد الأقارب ويقتل قريبه من أجل أن يرثه، ولذا قيل:
من تعجل شيئًا قبل أوانه عوقب بحرمانه.
ثانيا: الرّق: وهو عجز حكمي يقوم بالإنسان سببه الكفر، هذا تعريف الرّق، والرقيق هو المملوك، والمملوك لا يَمْلك لأن ما في يده لسيده، فلو أعطيناه ميراثًا من أبيه إذا كان أبوه حرًّا لأخذه سيده، وسيده أجنبي، فالرقيق لا يرث ولا يورث؛ حتى لو كان له أولاد أحرار فإنهم لا يرثونه.
لكن إذا كان معتقًا بعضه ويسمى المبعض، فالمبعض يرث ويورث، ويحجب بقدر ما فيه من الحرية.
ثالثا: اختلاف الدِّين: إذا كافي أحدهما كافرًا فإنهما لا يتوارثان، لحديث أسامة:
لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم واستثنوا الولاء، فيرث بالولاء؛ فإذا كان له عبد كافر قد أعتقه فإنه يرثه، أو كان مثلا الكافر له عبد مسلم عتيق فإنه يرثه بالولاء على خلاف في ذلك.