شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
219992 مشاهدة
ميراث ذوي الأرحام

فإن عدم أصحاب الفروض والعصبات: ورث ذوو الأرحام، وهم من سوى المذكورين، وينزلون منزلة من أدلوا به.


قوله: (فإن عدم أصحاب الفروض والعصبات: ورث ذوو الأرحام، وهم من سوى المذكورين):
انتقل -رحمه الله- إلى نوع آخر وهو ما يسمى ميراث ذوي الأرحام وذوو الأرحام هم: من ليسوا بذي فرض ولا عصبة، فهم أقارب الميت الذين لا يرثون لا بفرض ولا بتعصيب، وقد أخذ ميراثهم من قوله تعالى: وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ الأنفال:75 فإذا كان للميت ذوو أرحام ولم يوجد له عاصب، ولم يوجد له صاحب فرض، فأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض، فنقربهم ونعطيهم تركته أولى من أن نعطيها بيت المال، فأقاربه لهم حق في ماله هم أحق من غيرهم.
فمثلا الجد أبو الأم، لا يرث، فإذا عدم الورثة وهم أصحاب الفروض وأصحاب التعصيب، ورثنا الجد أبا الأم، وكذا الخال والخالة والعمة وبنت العم وابن البنت وابن الأخت، هؤلاء كلهم أقرباء، فإذا مات ميت وليس له إلا خال أعطينا الخال المال، وفي الحديث: الخال وارث من لا وارث له كذلك إذا لم يوجد له إلا عمته أو خالته أعطيناها ماله وقلنا: هي أحق من بيت المال ونحوه؛ لأن لها قرابة وهي من ذوي الأرحام. وكذلك إذا وجدنا له بنت بنت أو ابن بنت أو ابن أخت، فهم أحق من بيت المال فيعطون ماله.

قوله: (وينزلون منزلة من أدلوا به):
يعني: فيما إذا كثروا فإنهم ينزلون منزلة من أدلوا به، فيقرب البعيد منهم حتى يجعل بمنزلة الوارث، فإذا كان عندنا مثلا بنت بنت وعندنا بنت أخ لأم أو ابن أخ لأم، فهذا لا يرث ولكن نجعله بمنزلة أبيه الذي يرث، وبنت البنت لا ترث فنجعلها في منزلة البنت، يعني: نقربها، فكأنه أصبح عندنا بنت وأخ لأم فالبنت هي التي ترث وحدها، ويسقط الأخ لأم، فابن الأخ لأم لا حق له مع بنت البنت؛ لأن بنت البنت في منزلة البنت وابن الأخ لأم بمنزلة الأخ لأم، والأخ لأم يسقط مع البنت.
كذلك مثلا إذا كان عندنا عمة، فالعمة لا ترث إلا مع ذوي الأرحام، وعندنا بنت عم، فنجعل العمة بمنزلة الأب لأنها أخته، وبنت العم نجعلها بمنزلة العم، فكأن عندنا عما وأبا، فالذي يرث هو الأب، ويسقط العم؛ إذن بنت العم لا ترث مع العمة؛ لأنها أقرب.
فأما إذا كانوا كلهم وارثين، فإنه يقسم بينهم كما يقسم بين المدلين به - أصحاب الفروض- فمثلا إذا كان عندنا بنت بنت وبنت بنت ابن، فبنت البنت إذا جعلناها مكان أمها ترث، وبنت بنت ابن نجعلها مكان أمها فترث فتكون هذه بمنزلة أمها ولها النصف، وهذه بمنزلة أمها ولها السدس تكملة الثلثين، وتكون المجلة من أربعة ويكون الإرث بينهما.