اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
محاضرة في الزلفى مع شرح لأبواب من كتاب الجنائز في صحيح البخاري
6271 مشاهدة
التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم

وأما الوصية باتباعه والتأسي به -صلى الله عليه وسلم- فقد أمر الله باتخاذه أسوة: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فنذكر شيئا من الأعمال التي كان يعمل بها؛ والتي حث على أن يُقتدى به فيها، فمعلوم أنه -صلى الله عليه وسلم- حرص على دعوة أمته، وعلى إخراجهم من الظلمات إلى النور، فكان يدعو إلى الله تعالى.
ذكر أنه كان يدعو الناس في النهار؛ فاشتاق أن يدعوهم في الليل، وقال: إن نوحا -عليه السلام- كان يدعو ليلا ونهارا، كما قال الله عنه: إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا فقال: سوف أدعو في الليل والنهار. الدعوة يعني: دعوة الناس إلى التوحيد، ودعوة الناس إلى العبادات، ودعوة الناس إلى السنة وإلى الإسلام، وإلى أركان الإسلام، ودعوة الناس إلى ترك الشرك، وإلى ترك القتل، وإلى ترك المحرمات كلها؛ هكذا اهتم بذلك فهو -صلى الله عليه وسلم- الأسوة والقدرة لأمته؛ فعلينا أن ندعو كما دعا، وأن نبين كما بين، وأن نحرص كما حرص؛ لأنه رغبنا في الدعوة إلى الله تعالى فهذا من سنته.
كذلك أيضا كان -صلى الله عليه وسلم- قدوة للناس في العلم والعمل، قدوة لهم في علمه وفي عمله، وفي أقواله وفي أفعاله؛ فسن السنن الفعلية ليدل بذلك على أنه كان قدوة أمته في كل أفعاله، ومن احتذى به فإنه على سبيل النجاة وعلى سبيل الفلاح، فكان محافظا على ذكر الله؛ دائما يذكر الله، يقول ابن عمر -رضي الله عنه:- كنا نعد لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المجلس الواحد رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم مائة مرة امتثل قول الله تعالى: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ فكان يكثر من الاستغفار مع أن الله قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؛ ألسنا أولى بأن نكثر من ذكر الله؟ يمضي على أحدنا مجلس ومجالس لم يقل فيه أستغفر الله ، ولم يقل فيه لا إله إلا الله ، لا شك أن هذا من آثار المغفرة، إذا كان نبينا -صلى الله عليه وسلم- قد غفر له؛ ومع ذلك في المجلس الواحد مائة مرة يكرر هذه الجملة: رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم، فيتذكر الأمر له في قول الله تعالى: فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا وكان لا يقوم ولا يقعد إلا قال: سبحان الله وبحمده، أستغفر الله وأتوب إليه.
نتواصى بأن نتبع نبينا في ذلك؛ أن نكثر من التسبيح والتحميد، والاستغفار والتوبة، ونكثر أيضا من ذكر الله -عز وجل- ونكثر من التوبة إليه؛ التوبة إلى الله تعالى من أفضل الأعمال، وأفضل القربات، كذلك أيضا نعرف أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يحث على التوبة وكان يكثر منها؛ فيقول -صلى الله عليه وسلم- إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة وفي رواية: مائة مرة؛ يكرر التوبة إلى الله تعالى ويعد الغفلة ذنبا.
كذلك أيضا أعماله القولية؛ كان دائما يكثر من قراءة القرآن وتعاهده؛ حتى أنه ليعرضه على جبريل في كل سنة مرة، وفي التي توفي فيها عرضه مرتين؛ ليدل بذلك على أنه يحب تلاوة كتاب الله، ولنا فيه أسوة؛ أن نكثر من قراءة كتاب الله تعالى، وأن نكثر من تدبره وتعقله؛ فإن ذلك من الدين الذي يحبه الله، ومن الاقتداء بنبي الله -صلى الله عليه وسلم-.
كذلك أيضا نعرف أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يحب العمل الصالح، كان يكثر من الأعمال الصالحة؛ ذكر أنه كان يقوم الليل إلا قليلا؛ امتثالا لأمر الله -عز وجل- قال الله تعالى: قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا فكان -صلى الله عليه وسلم- يقوم أكثر الليل حتى تورمت قدماه؛ يصلي كل ليلة نحو خمس ساعات، أو سبع ساعات، كل ذلك في تهجد، ويطيل القيام حتى تورمت قدماه، فقيل له: أتفعل ذلك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبدا شكورا؟! وهذه سنة كادت أن تُنسى من سنته -صلى الله عليه وسلم- قل في هذه الأزمنة من يقوم الليل؛ نصفه أو ثلثه أو ثلثيه، كما كان -صلى الله عليه وسلم- يفعل، كان من سنته أنه يكره النوم قبل صلاة العشاء، ويكره التحدث بعدها؛ فكان إذا صلى العشاء بادر إلى فراشه، ولكن إذا انتصف الليل أو قريبا من ذلك، استيقظ وتوضأ واستمر يصلي إلى طلوع الفجر نصف الليل أو نحوه. قال الله تعالى: إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ أي تقوم قريبا من ثلثي الليل، وتقوم نصفه وتقوم ثلثه، إذا كان الليل اثنتي عشرة ساعة فإنه قد يقوم ثمان ساعات أي ثلثي الليل، وقد يقوم نصفه أي ست ساعات، وقد يقوم على الأقل ثلثه أي أربع ساعات، فإذا كان الليل تسع ساعات في الصيف فلا أقل من أن يقوم ثلثه الذي هو ثلاث ساعات، فأين نحن من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟!
في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- جاء ثلاثة يسألون عن عبادته، فسألوا عن صيامه فأخبروا بأنه يصوم ويفطر، وسألوا عن قيامه، فأخبروا بأنه ينام ويقوم، فكأنهم تقالُّوا ذلك، فقالوا أين نحن من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؛ أرادوا أن يزيدوا على ما عمل به وعلى ما كان يعمل به؛ فالتزم بعضهم أن يصوم الدهر كله ولا يفطر أبدا، والتزم آخر أن يقوم الليل كله ولا ينام في الليل، والتزم الآخر ألا يتزوج وقيل: ألا يأكل اللحوم يعني أن يفطم نفسه عن الشهوات، لا شك أن ذلك حرصا منهم على تكثير الأعمال الصالحة، وعلى التنافس فيها.
في هذه الأزمنة إذا قلنا لأحد الناس أو أحد هؤلاء: اقتدوا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- في كثرة الصلاة وفي كثرة الصيام؛ يتعللون ويقولون: أين نحن من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟! نحن ضعاف لا نستطيع أن نفعل كما فعل، نقول: إن سبب ذلك هو التكاسل، وسبب ذلك هو ضعف الإيمان، ضعف الدين في القلوب، وإلا فمن كان بالله أعرف كان منه أخوف.
فنقول: علينا أن نقتدي به -صلى الله عليه وسلم- في كثرة الصيام، وفي كثرة الصلاة، وفي كثرة الذكر، وفي كثرة الاستغفار، وكثرة النوافل الزائدة عن الفرائض، فإذا عجز عن ذلك أتى منه بقدر ما يستطيع، لا نقول: قم الليل كله ولا قم نصفه، لو قمت من كل ليلة ساعة أو ساعتين كان ذلك خيرا كثيرا، وكذلك إذا صمت من الشهر نصفه، أو ثلثه، أو عشره، أي ثلاثة أيام من كل شهر كان في ذلك أيضا خير كثير، وكذلك إذا واظبت على العبادة، تقدمت إلى المساجد وقت الأذان أو قبله، وتقربت إلى الله فبما يتيسر، تقربت إلى الله تعالى بقراءة القرآن أو بصلاة ما تيسر من النوافل؛ التي هي مرتبطة بالفرائض؛ نوافل وسننا قبلية أو بعدية، وكذلك تقربت إلى الله بما تيسر من قراءة القرآن؛ مع التعقل والتدبر وما أشبه ذلك، كان في هذا خير كثير.
ثم إذا عرفنا ذلك في هذه الأوامر فكذلك أيضا في فعل المحرمات؛ فإن الذي يحب الطاعات لا بد أنه يكره المحرمات، فالذي يحب القرآن يكره الغناء والباطل، والذي يحب صلاة الليل يكره السهر على اللهو واللعب، والذي يحب الصلاة يكره ما يشغله عنها، وكذلك من أحب عملا صالحا أحب التقرب والإكثار منه، فهكذا يكون التقي النقي الذي يحب الاقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم- إذا تقرب إلى الله تعالى بالعبادات واعتقد أنها تقبل وأنها تنفع، وأنها تكون قربة يعني تقربه إلى رضا الله تعالى، تقرب إليه أيضا بترك المحرمات؛ التي تبعده عن رضا ربه ويثيبه الله على ذلك. إذا كانت نفس العبد تتوق إلى سماع الغناء؛ لكنه عصى نفسه وترك السماع الذي تلتذ به نفسه فله أجر على هذا الترك، وإذا كانت نفسه تتوق وتتمنى النظر إلى الأفلام والصور الفاتنة والتلذذ بها؛ ولكنه عصى نفسه وابتعد عنها وترك ما تتمناه فله أجر على هذا الترك، وعلى عصيان النفس، وإذا كانت نفسه تتمنى الكبر والغطرسة، والترفع على الناس؛ ولكنه عصى نفسه وتواضع لله، تواضع لعباد الله كان ذلك أيضا مما يثاب عليه وكان له أجر على ذلك؛ حيث إنه عصى نفسه.
وكذلك يقال في بقية المحرمات؛ أن من تقرب إلى الله تعالى بها فله أجر على هذا القربان، من تقرب إلى الله بترك هذه المحرمات آجره الله؛ فكما أن في فعل الصلوات والصدقات، والصيام والذكر ونحو ذلك أجر، فكذلك في ترك الغيبة والنميمة، وترك الغناء وترك الملاهي، وترك الزنا وترك الخمور، وترك الربا والمحرمات؛ في تركها عصيان للنفس وفي ذلك أجر عظيم إذا اعتكف على ذلك قربة إلى الله وطاعة، فهكذا يكون المؤمن مقتديا بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في محبة الطاعات، وكذلك أيضا مقتديا به في حماية نفسه عن المحرمات، وإذا كان كذلك فإنه ممن اقتدى واتبع النبي -صلى الله عليه وسلم- وحظي بمحبة الله له، يتحقق فيه قول الله تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ نقتصر على هذه الوصايا الثلاث؛ الوصية بتقوى الله تعالى وعرفنا معناها، والوصية بالتمسك بالسنة والعض عليها بالنواجذ، والوصية بالتأسي بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في فعل الطاعات وترك المحرمات وفي ذلك خير كثير وأجر كبير.
نسأل الله أن ينفعنا بما علمنا، ويعلمنا ما ينفعنا، نسأله سبحانه أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، نسأله سبحانه أن يوفقنا لكل عمل صالح يحبه ربنا ويرضاه، وأن يعصمنا من المخالفات والسيئات والبدع والمنكرات، وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه؛ إنه على كل شيء قدير والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على محمد وإلى الأسئلة.
أسئلة
بسم الله الرحمن الرحيم
شكر الله لفضيلة الشيخ هذه التوجيهات.
س: والسؤال الأول يقول: أنا شاب أدرس ولكن ليس لي هم من هذه الدراسة إلا نيل الشهادة أو الوظيفة، فهل هذا داخل في الشرك الأصغر؟ أرجو بيان ذلك.
ننصحك بإخلاص النية وتصحيحها؛ أن تقصد بتعلمك حفظ العلم، وتقصد بتعلمك العمل على بصيرة، وتقصد بتعلمك نفع نفسك ونفع غيرك من المسلمين، ويكون هذا القصد الذي هو نيل المؤهل والشهادة تابعا لا أساسا؛ حتى لا يكون العمل حابطا، وحتى لا تكون ممن يتعلمون العلم الديني لأجل غرض دنيوي فيكونون من أهل الرياء؛ الذين يعملون أو يتعلمون لأجل مصالح دنيوية، ومع ذلك فلعل علمك إذا تعلمت العلم الشرعي؛ يكون دافعاً لك إلى الإخلاص.
ذكر عن بعض السلف أنه قال: تعلمنا العلم للدنيا فأبى إلا أن يكون للدين، ذلك فضل الله إذا تعلموا ولكن قرأوا كلام الله، وقرءوا سنة نبيه، وقرأوا الأحكام، وعرفوا سيرة السلف؛ حملهم ذلك على أن يخلصوا.
س: وهذا السائل يقول: ما حكم هذه الألفاظ قول الرجل: في ذمتي أو في ذمتي، وقول يا دين الله؟
إذا كان يقصد بالذمة العهد فلا بأس بذلك؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث بريدة لا تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه، ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك؛ فإنكم أن تخفروا ذممكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة نبيه فقوله: في ذمتي يعني: أتعهد لك في ذمتي، وأجعل لك عهدي وذمتي ألا أخونك، وألا أخفر ذمتي؛ وخفر الذمة هو نقض العهد؛ فإذا كان يقصد في ذمتي يعني الحلف بمثل ذاته؛ فإنه من الحلف بغير الله، كأنه يقول: وشرفي وحياتي، ونفسي ونسبي، وآبائي؛ فهذا حلف بغير الله فعليه أن يتجنب ما فيه شيء.
س: إيش هو السؤال؟ قول: يا دين الله؟
ليس مما يصح دعاؤهم يا دين الله، لكن تجري على الألسن ويكون قصدهم بذلك ندب أهل الدين، يعني كأنه يقول: أين أهل الدين؟ أين أهل التمسك بالدين؟ أين الدين الذي كانوا عليه؟ فإذا كان قصده إثارة حماس أهل الدين، وأهل الغيرة فلعل ذلك جائز، فأما إذا كان قصده دعاء الدين نفسه فليس ذلك بمشروع.
س: وهذا يقول: ما حكم قول الرجل في زوجته: يا بعد حياتي أو يا بعد نفسي أويا بعد عمري؟
تقال هذه الكلمات لإظهار المودة، يقول الرجل لمن يحبه؛ من ولد ووالد، وزوج وزوجه، وأخ وأخت ونحو ذلك؛ نرى أن ذلك مثل قول الصحابة: فداك أبي وأمي، أو فديتك بنفسي، أو أنا فداك أو ما أشبه ذلك؛ فإذا كان هذا قصده فلعل ذلك جائز، وإذا كان هناك قصد غيره فلا بد أن يغيره.
س: تأوه إذا نادته أمه حيث يقول: يوه لمناداة أمه هل يعتبر عقوقا؟
ينظر في قصده؛ فبعض الناس يقصد بذلك الإجابة، يعني: كأنه يقول: نعم، أو يقول: أن هذا، أو يدعوها يقول: يا أماه، فإذا كان قصده بهذا إجابة فلا بأس، وأما إذا كان قصده التبرم والتكره والاستثقال؛ فإنه يدخل فيما نهي عنه في قوله تعالى: فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا أي: لا تتأفف من والديك، ولا تزجرهما زجرا يكون فيه شيء من الكراهية والاستثقال فيكون ذلك من العقوق.
س: يقول: ما حكم هذه الأسماء: إيمان وآلاء وفاتن وسراج وأشواق؟
نرى كراهيتها، فإذا سمي فاتن فكأنه يفتن الناس؛ لا شك أن هذا اسم مستثقل ومستنفر، والفتنة تفسر بأنها الكفر وبأنها الشرك، وبأنها ما يفتن الناس.
وكذلك اسم إيمان فيه شيء من التزكية، فالمختار عدم التسمية به لا رجلاً ولا امرأة. ثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- غير بعض الأسماء التي فيها تزكية غير برة سماها زينب وقال: الله أعلم بأهل البر منكم وكذلك الأسماء الأخرى، هذه أسماء مرتجلة؛ لكن الأولى اختيار الأسماء التي ليس فيها شيء من المحظور.
كلمة آلاء: جمع إلًى وهي النعم فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا يعني بأي نعمة، والواحد إلى النعمة، ولا شك أن الولد يعتبر نعمة من الله على والده، ويعتبر أيضا فتنة أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ .
كذلك أشواق، مشتق من الشوق يعني: كأنه يحمله على أن يكون مشتاقا، أو مشتاقا إليه فنرى أيضا أن هذه مكروهة.
س: يقول السائل: ما هو أفضل وقت لصلاة الشروق بالنسبة لمن مكث في المسجد بعد صلاة الفجر؟
ليس له آخر إلا الظهر إذا كان جالسا إلى وقت النهي؛ إذا جلس في المسجد يقرأ مثلا ولو لم يكن يصلي إلا في الساعة العاشرة أو الحادية عشرة وهو في مجلسه صدق عليه أنه صلى بعد شروق الشمس، وإن كانت هذه الصلاة تسمى صلاة الضحى؛ التي هي عندما تشتد حرارة الشمس.
س: هذه السائلة تقول: ما حكم لبس العباءة الفرنسية والعمانية والمقصرة؟
ننهى عن ذلك؛ لأن هذه العباءات فيها شيء مما يلفت الأنظار؛ الذين عملوها لا شك أنهم ما قصدوا بذلك مصلحة المسلمين، وإنما قصدوا الفتنة؛ فإنها بهذا المظهر فيها هذه الصنعة التي مخالفة لما هو معتاد، فعباءات النساء ومشالحهن قديما ليس فيهن هذه النقوش، ولا هذه الأكمام، ولا هذه الزركشة وغير ذلك؛ بل كانت العباءة والمشلاح وافيا واسعا صفيقا ليس يلتصق بالجسم، فكل شيء يخالف تلك العباءات المعروفة فإننا ننهى عنه.
س: تقول السائله: ما حكم إحضار واستئجار من تقوم بالطبل في ليلة الزفاف؟
الطبل لا يجوز في ليلة الزفاف، إنما يباح الضرب بالدف إذا كان لإظهار الفرح؛ فأما ضرب الطبول فلا يجوز، ولا يجوز استحضار من تضرب الطبول؛ لا بأس باستحضار امرأة لها معرفة بضرب الدف، ولها أيضا معرفة بالكلام الحسن الذي يكون فيه مديح، أو فيه شيء من التحية والترحيب الذي يستعمل في مثل هذه الحفلات، فأما الغناء الماجن وكذلك التلحين والتطريب وما أشبه ذلك فلا يجوز.
س: تقول: ما حكم قص الرأس بالنسبة للنساء ؟
إن كان المراد قص الشعر شعر الرأس، فنرى أنه لا يجوز للمرأة أن تقص شعر رأسها؛ إلا إذا بلغت سن الإياس إذا كانت من اللائي لا يرجون نكاحا وشق عليها، أو كان الشعر طويلا بمعنى أنه يشق عليها إذا كان طويلا يصل إلى المتر أو قريبا منه جاز لها أن تخفف منه، فأما إذا كان الشعر معتادا كالذراع مثلا أو أكثر منه قليلا فإنه لا يجوز قصه.
كذلك إذا كان سؤالها عن الأصباغ فإننا لا نبيح ذلك، الأصباغ التي يصبغ بها الشعر والملونة، أن يجعل بعض الشعر أحمر، وبعضه أسود، وبعضه أحمر، وبعضه أبيض، وبعضه أزرق، هذا أيضا من تغيير خلق الله؛ يدخل في قوله ولآمرنهم في قول إبليس: وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ فننهى عن مثل ذلك.
س: تسأل عن الرقص بالنسبة للمرأة ؟
الرقص الذي هو اللعب والطرب، إذا كان في الحفلات فلعله يباح منه بقدر ما يحصل به الفرح والسرور، ولكن لا يبالغ في ذلك.
س: هذا سائل يقول: دائما أو في بعض الأحيان أحمل معي فتاوى عن حكم الأغاني، وحكم التدخين، وحلق اللحية وغيرها، والسؤال هو أنني أجد في كليتنا أو في الأسواق وعند الإشاره؛ أناس يدخنون ويستمعون، فأقوم بتوزيع هذه الفتاوى عليهم، فهل تسقط عني الحجة في هذا الفعل؟
أنت تُعذر حيث إنك عملت ما تستطيع، إن استطعت أنك تقنعهم وتكلمهم وتنهاهم، تقول لهم: لا تشربوا هذا الدخان فإنه محرم، لا تستمعوا إلى هذا الغناء فإنه لا يجوز، لا تحلقوا لحاكم فإن هذا محرم، فإذا لم تستطع أو لم تتمكن اكتفي بما تفعله من هذه النصائح.
س: وهذا السائل يقول: ما حكم من يقول: فلان طويل، فلانة قصيرة وسمينة ونحيفة ونحو ذلك، وإذا قلنا: لا تغتابوا الناس، قالوا: هذا ليس من الغيبة، إنما الغيبة ذكرك أخاك بما يكره؟
ننظر في المقاصد، والغالب أن مثل هؤلاء يقصدون بذلك العيب أو السخرية، ولا شك أن هذا لا يجوز لما فيه من التنقص بالمسلم، فننصح عن استعمال مثل هذه الكلمات إذا كان قصده العيب، أما إذا كان قصده التعريف فلا مانع أن يعرف بما يتميز به، كما كان في الرواة ونحوهم؛ فلا يتميزون إلا بأوصافهم، كالأعرج والأعمش ونحوه.
س: وهذه السائله تقول: ما حكم وضع المنكاير ؟ وسمتها المناكير الإسلامي، ووصفتها كالذي يوضع في الأظافر وإذا أردت أن أتوضأ أزلته مباشرة؟
نرى أيضا أنها كاسمها أنها من المنكر وأن تركها هو الأولى، ثم إذا كان فيها شيء من الزينة المباحة؛ وألحقت بالخضاب المباح والحناء ونحوه فلعل ذلك جائز، فإن كان لها جرم يغطي شيئا من البدن يغطي الأظافر ونحوها؛ فلا بد من إزالته عند الطهارة.
س: وهذه السائلة تقول: لدينا معلمة تحلق شعر الحاجبين وتضع فيه كحل، وإذا أنكرنا عليها قالت: الذي جاء في الحديث إزالته بالكلية؟
ليس كذلك، بل إزالة بعضه كإزالة كله؛ الذي جاء هو ما يسمى بالنمص: لعن الله النامصات والمتنمصات وفسر بأنه: نتف الشعر من الحواجب؛ ولا يلزم نتفه كله؛ فإذا نتف بعضه أو حلق بعضه، فإنه داخل في الوعيد باللعن.
س: وهذا سائل يقول: بعض المسافرين يتهاونون بعدم نقل الماء للوضوء، وإذا حضر وقت الصلاة يتيممون ويعتذرون بعدم وجود الماء، فما رأيكم في ذلك؟
هذا من الخطأ؛ سيما في هذه المملكة فإن أماكن الماء موجودة، فلو مثلاً دخل عليك وقت الظهر في الساعة الثانية عشرة مثلا وأنت سائر في الطريق في إمكانك أن تصل إلى محطات، أو إلى بلاد قبل الساعة الواحدة أو قبل الواحدة والنصف، فأخر الصلاة حتى تصل إلى الماء، كذلك أيضا حمل الماء يسير في هذه الحافظات ونحوها، وليس فيه مشقة أن تحمله معك من بيتك أو من المحطات التي على الطريق؛ حتى ترفع حدثك بيقين.
كان السلف يؤخرون الصلاة حتى يصلوا إلى الماء، ولو أخروها ساعة أو ساعتين، لو لم تصل إلا في الساعة الثانية ظهرا تنتظر مجيئك للماء؛ فإن هذا هو الأفضل، وكذلك في العصر لو دخل عليك العصر وليس معك ماء وأنت سائر ولكنك تصل إلى الماء مثلا قبل الساعة الخامسة؛ فإنك تؤخره ساعة أو ساعة ونصفا حتى تصل إلى الماء.
س: وهذا يقول: فضيلة الشيخ، نرجو توجيه نصيحة للإخوان الحضور عن أهمية اجتماع الكلمة بين المسلمين وعدم التحاسد والتشاحن فيما بينهم؟
ننصح المسلمين بأن يكونوا كما أمرهم الله؛ قال الله تعالى: إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً فالأمة والحمد لله أمة واحدة؛ دينها واحد، ونبيها واحد، وربهم واحد؛ فعليهم ألا يختلفوا، وعليهم أن يحرصوا على الاجتماع فلا يتفرقون، فإن التفرق يضعف قوتهم، ويضعف معنويتهم.
الاجتماع على الكلمة هو الذي قال الله فيه: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا إذا تفرقوا؛ أحدهم مثلاً يخطئ الآخر في هذه الجملة، والآخر يخطئ ثالثا وما أشبه ذلك، وكانوا أحزابا كان في ذلك إضعاف معنويتهم، وصدق عليهم قول الله تعالى: مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ هذا التحزب الذي وجد في كثير من الدول أضعف الإسلام عندهم، حيث صاروا أحزابا، فإذا كانوا على عقيدة واحدة فلا يجوز لهم الاختلاف؛ إذا كانوا جميعا على عقيدة أهل السنة، يعني: كلهم يؤمنون بأسماء الله تعالى وصفاته، وكلهم يؤمنون بالبعث بعد الموت، والجزاء في الآخرة، وكلهم يقرءون القرآن ويعتقدون أنه دليلهم؛ فلا يجوز لهم أن يتخالفوا فيما بينهم، وأن يتحزبوا.
وإذا كان هناك خلاف في الأمور الفرعية فإنه لا يضر، ككون هذا من أتباع الشافعي وهذا من أتباع مالك فهذه اختلافات في الفروع ولا تعتبر، لمَّا سئل الشافعي -رحمه الله- قيل له: هل نصلي خلف من يقلد مالكا ؟ فاستعظم ذلك وقال: ألست أصلي خلف مالك ؟! الذي هو شيخه؛ مع اختلافهم في بعض الأشياء.
كذلك الاختلافات التي بين الفروع؛ يعني كون الشافعية يجهرون بالتسمية أو يتلفظون بالنية وما أشبه ذلك، فهذا ونحوه لا يوجب أنهم يتفرقون ويكونون أحزابا وشيعا، بل كلهم أمة واحدة يتعاونون على البر والتقوى، يأمرون بالمعروف جميعا وينهون عن المنكر، يعرفون أنهم كلهم موحدون أنهم كلهم على التوحيد، وأنهم يعترفون بالأركان الخمسة أركان الإسلام، يعترفون بالمحرمات فإذا كانوا على دين واحد فلا يجوز لهم هذا الاختلاف.
س: يقول: هذا رجل يرضى لبنته وزوجته وأهل بيته أن ينظروا إلى المسلسلات، والتمثيليات والمصارعة فهل يعد هذا فاقد غيرة؟
التساهل في مثل هذه الصور يعد من أسباب انتشار الفواحش، أو التهاون في أمرها؛ فإن المرأة سيما إذا كانت بالغة ونظرت إلى الرجال الذين يتصارعون، أو الذين يمثلون هذه التمثيليات، فإنه والحال هذه يكونون أو تكون المرأة تميل إلى الرجال ولا تحفظ نفسها، فننصح بالإبعاد أو بإبعاد هذه المنكرات عن المساكن؛ حتى تطهَّر المنازل وحتى لا يكون فيها ما يفسد الأخلاق.
س: هل يطلق على من حلق اللحية بأنه مرتكب كبيرة من كبائر الذنوب؟ حالق اللحية هل هو مرتكب كبيرة من كبائر الذنوب؟
الإصرار على الصغائر يصيرها كبائر؛ فإذا أصر الإنسان على ذنب وتهاون به؛ اعتبر من ارتكب ذنبا وصار ذلك كبيرة، يقول بعض السلف: لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الإصرار، فننصح بعدم التهاون بذلك فإنه يدل على التهاون بحدود الله، يقول بعض السلف: لا تنظر إلى صغر الذنب، ولكن انظر إلى عظمة من عصيته انظر إلى عظمة الله، أنك عصيته ولو كان ذلك الذنب صغيرا.
س: يقول: انتشر بين بعض النساء لبس البنطلون بنوعيه الضيق والواسع، فما حكم لبس ذلك؟ مع العلم أنه يلبس تحت العباءة؟
نرى أنه لا يجوز؛ ولو كان واسعا؛ لأنه يبين حجم الأعضاء، يبين تفاصيل أعضاء المرأة الداخلة، يعني: يحجم الفخذ والركبة، والساق والأليتين، فيكون في ذلك فتنة ولا يبرر ذلك كونها تلبسه فوق العباءة؛ وذلك لأن العباءة تنفتح من الأمام، وقد تكون العباءة من اللاصقة التي تلتصق بالثوب أو بالبنطلون ونحو ذلك، فنقول: إنه لا يجوز، سيما إذا كان عند الناس ولو عند المحارم، أو في الأسواق أو نحو ذلك، إلا إذا كان عند الزوج وحده إذا لم يكن عندها إلا زوجها فلا بأس بذلك؛ لأن له أن ينظر إلى جسدها.
س: وهذا السائل يقول: هل ترفع اليدين عند الدعاء في خطبة الجمعة مطلقاً؟ أم ترفع عند الاستسقاء فقط؟
ترفع عند الدعاء مطلقا،ً فإن الأحاديث كثيرة جمعها السيوطي وبلغت اثنين وأربعين حديثا عن جماعة من الصحابة، أي بلغت حد التواتر في رسالة مطبوعة اسمها فَضّ الوعاء في أحاديث رفع اليدين في الدعاء ، فرفع اليدين في الدعاء وسيلة من أسباب إجابته؛ منها قوله -صلى الله عليه وسلم- إن ربكم حيي كريم يستحيي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفراً أي خاليتين، فإذا رفع يديه إليه كأنه يسأل ربه، فالله تعالى أكرم من أن يرد يديه صفراً بلا شيء.
وكذلك في حديث الرجل الذي يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا ربّ يا ربّ يدل على أن هذا هو من وسائل إجابة الدعاء هذا هو الأصل، ثم الأحاديث في ذلك كثيرة كما ذكرنا.
وأما الاستسقاء، فإنه ترفع فيه الأيدي رفعا زائدا؛ يقول أنس لم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- يرفع يديه إلا في الاستسقاء يعني كان يرفعهما حتى تكون ظهورهما إلى السماء من شدة الرفع، هذا له أصل في حديث عن أنس أو غيره أنه قال: إنكم تبالغون في رفع اليدين بالدعاء لم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- يزيد على هذا –يعني: إلى الصدر- فهذا عام في جميع الأدعية أنه من أسباب إجابة الدعاء.
وأما الحديث الذي في صحيح مسلم عن عمارة بن رؤيبة وقوله: قبح الله هاتين اليدين، ما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يزيد على هذا يعني يشير بإصبعه فالمراد في التشهد صحيح أنه -صلى الله عليه وسلم- كان إذا ذكر الله بخطبة أو تشهد رفع إصبعه عند ذكر الله تعالى، فكان ذلك الخطيب عندما يتكلم باسم الله أو يتشهد يرفع يديه فأنكر عليه وقال: قبح الله هاتين اليدين فأما الرفع في الدعاء فلا ينكر لكثرة الأحاديث التي فيه، ولكم أن تطالعوا هذه الرسالة للسيوطي فضّ الوعاء بأحاديث رفع اليدين في الدعاء.
س: يقول: فضيلة الشيخ: لدي والدة مريضة، لا تستطيع القيام وهي تصلي متيممة، وصلاتها بالتيمم بالمدة تقارب عشر سنوات، وفي الآونة الأخيرة تفقد وعيها أحيانا فلا تدري عن صلاة، ولا عن غيرها ثم يعاودها عقلها فتشعر وتعرف بعض الشيء، وسؤالي هل يلزمها قضاء ما فات من الصلاة إذا كانت تشعر جزاكم الله خيرا؟
إذا أحست وشعرت ورجع إليها وعيها في الوقت؛ فإنها تذكَّر بالصلاة وتصلي على حسب حالها وبالتيمم، وأما إذا فقدت العقل من أول الوقت إلى آخره؛ فنرى أنه يسقط عنها ذلك الوقت، فلو مثلا أنها فقدت العقل في آخر الليل ولم تنتبه ويرجع إليها فكرها إلا بعد الإشراق؛ فلا تطالب بقضاء تلك الصلاة لأنه في الحديث رفع القلم عن ثلاث: عن المجنون حتى يفيق والجنون هو فقد العقل، والأحرى بها الصلاة بالتيمم إذا كان يتعبها ويشق عليها استعمال الماء؛ يعني: تحتاج إلى أن يصب عليها الماء وأن تدلك أعضاؤها؛ وفي ذلك مشقة فالتيمم يرفع الحدث.
س: وهذا يقول: يوجد مكتبة في مسجد وقد هجرت هذه المكتبة وأغلقت ولم ينتفع بها، علما بأن المسجد فيه جماعه فهل يجوز نقلها؟
نعم إلى مسجد آخر ينتفع بها، أرجو أن يلفت نظر الشباب وأهل الحاجة إلى المطالعة لعلهم أن يرجعوا إليها، وأن يراجعوا فيها ويجتمعوا فيها ويقرءوا ويستفيدوا؛ فإن الذين أقاموها أرادوا أن يأتيهم أجر الانتفاع.
س: يقول: فضيلة الشيخ، جاء في الحديث من نزل منزلا وقال: أعوذ بكلمات الله التامات لن يضره شيء إلى آخر الحديث فما المراد بكلمات الله في هذا الحديث؟ وهل الأقدار الكونية من كلمات الله؟
كلمات الله تعالى كلامه، وكلامه صفه من صفاته؛ ولذلك جاز أن يستعاذ به واستدل به الإمام أحمد على أن كلام الله من صفاته، وأنه ليس بمخلوق، وأن المخلوق لا يجوز أن يستعاذ به، فكأنه يقول: كلامك الذي هو من صفاتك ومن علمك، يستعاذ به فإنه يستفاد من ذلك، وقد ذكر أدله هذه الاستعاذة بقوله: لم يضره شيء حتى يرحل من منزله ذلك دليل على فضل الله تعالى لمن استعاذ به، أو استعاذ بصفة من صفاته.
س: يقول السائل: رجل تزوج امرأة وأنجب منها بنتا، وتزوج بامرأة أخرى، هل زوج البنت من المرأة الأولى يحل له أن يسلم على المرأة الثانية؟
ليست محرما له، بل لو طلقها لحلت له، أو توفي عنها لحل له أن يجمع بينهما، فإن عليا -رضي الله عنه- زوج بنته عبد الله بن جعفر بن أخيه، ولما مات علي تزوج ابن جعفر بزوجة على وليست أم الزوجة الأولى، فجمع بين بنت علي وزوجته، فدل على أن زوجته التي ليست أم تلك البنت ليست محرما لذلك الزوج.
س: وهذا سائل يقول: امرأة حجت مع والدها، وفي اليوم العاشر قامت برمي جمرة العقبة، وباتت أيام التشريق في منى ولم ترم بقية الجمار وهي لا تعلم عن حكم الرمي، ووالدها قام بالرمي عنها وهي لم توكله بذلك، وعند طواف الوداع أخبرها والدها بأنه قام برمي جميع الجمار عنها فماذا يلزمها؟
الأصل أنه لا يرمي عنها إلا بعدما توكله، والعادة أنها هي التي تجمع لها الحصيات وتعطيها وكيلها أباها أو ابنها أو نحوهم ليقوموا بالرمي عنها؛ فنرى في هذه الحال أنه لا يصح الرمي؛ سيما إذا كانت قادرة؛ حيث إنها قدرت على الرمي في اليوم الأول، وأن عليها فدية عن ترك الرمي حيث إنها ما وكلت، وحيث إنها قد تكون قادرة فالفدية شاة تذبح لمساكين الحرم.
س: يقول: فضيلة الشيخ، سؤالي: الكلام أثناء خطبة يوم الجمعة تكليم الطفل الذي لم يبلغ عند الضرورة، كأن آمره بالذهاب إلى مكان قضاء الحاجة ما حكم ذلك؟
لا يجوز إلا لضرورة، إذا كان هناك حاجة ضرورية حتى لو اضطر إلى أن يخرج فإن ذلك لا يبطل صلاته، الذين قال الله عنهم: وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا لا بد أنهم تكلموا، ثم إنهم رجعوا بعد ذلك وصحت جمعتهم؛ أما إذا كان هناك عدم الحاجة فالأولى ألا يتكلم، لا مع الطفل ولا مع غيره.
س: يقول: الماء الذي في البرادات هل يجوز الوضوء منه؟
يجوز ذلك ولو كان وضع للشرب، لكن إذا لم يجد ما يتوضأ به إلا هذا الماء فإنه يرفع الحدث، وأهله الذين وضعوه يريدون الأجر، وإذا توضأ به فلهم أجر على ذلك.
س: يقول السائل: هل للمؤذن أن يخرج بعد الأذان للحاجة ؛ لحاجة يريدها خارج المسجد؟
يجوز ذلك ولو لم يرجع؛ إذا عرف بأنه هناك من يقيم بدله، وأنه سيصلي في مسجد آخر لحاجة له هناك. النهي في الحديث النهي عن أن يخرج بعد الأذان وقول أبى هريرة أما هذا فقد عصى أبا القاسم لما رأى رجلا خرج بعد الأذان، هذا فيمن عرف بأنه يترك الصلاة؛ أما من خرج وعرف بأنه سيرجع أو أنه سيصلي في مسجد آخر فلا حرج.
س: ويقول: ما صفة الالتفات للمؤذن في حي على الصلاة وحي على الفلاح ؟
هذا فيما إذا لم يكن أمامه لاقطة مكبر؛ يلتفت حتى يميل بوجهه ويكون وجهه مقابل كتفه حتى يذهب الصوت في الجهتين، يلتفت في الأولى عن يمينه وفي الثانية عن شماله، فأما إذا كان يؤذن وأمامه هذه اللاقطة فلا حاجة إلى الالتفات، الالتفات يضعف الصوت، لأنه إذا كان مقابلا لها التقطت الصوت كله وإذا التفت ضعف.
س: يقول: ما صحة حديث: تكبيرة الإحرام خير من الدنيا وما فيها ؟
حديث ضعيف ولكنه هناك ما يؤيده أن تكبيرة الإحرام ورد في فضلها كثير، وأن من صلى أربعين صلاة لم تفته كانت له الجنة أو ما أشبه ذلك، فنجتهد في المحافظة على ألا تفوت.
س: يقول: أنا شاب متزوج، ووالدتي تأمرني بطلاق زوجتي، فهل أطيعها في ذلك؟
إذا كان هناك أسباب، يعني أسباب حسية؛ أن هذه الزوجة شرسة الأخلاق، ثقيلة عاصية، أو أنها ضعيفة الديانة لا تأتي بالعبادة في حينها، أو أنها سبابة نمامة، تخشى أنها تفسده عليها؛ فنرى أنه يطيع أمه.
أما إذا كانت مستقيمة وليس هناك إلا مجرد بغض نفساني، أو بغض أهلها بدون مبرر، فعليه أن يرضي أمه بأنه لا ذنب لها ويمسك عليه زوجته.
س: يقول: هل الصور التي توجد في الكتب الدراسية تمنع من دخول الملائكة إلى البيت، كيف التعامل معها؟
ورد الحديث أنه: لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة، حمله بعضهم على الصورة البارزة منصوبة أو ظاهرة، وأبيحت إذا كانت ممتهنة كما فعلت عائشة بذلك القرام، حيث شققت منه صورتين، وكان يجلس عليهما النبي -صلى الله عليه وسلم- لما فصلت وسادتين شقَّقته، وعملت منه تلك الوسائد التي يجلس عليها.
فأما هذه الكتب المدرسية فالغالب أنها تكون مغلقة، يعني مطبقة، وأن الصور تكون في وسط الصفحات، وأنهم يستفيدون منها؛ يعني في شرح بعض الجمل التي لا ترتبط إلا بتلك الصور، فلعلها يتسامح فيها مع أن الأولى طمس الرأس حتى تكون كهيئة الشجرة؛ هكذا ورد في بعض الأحاديث إذا طمس الرأس حتى يكون كالقفا فلعل ذلك يخفف من شأنها.
س: يقول: من دخل متنفلاً مع إمام يصلي الفرض كيف يفعل إذا كان مسبوقا؟ هل يقتصر على ركعتين أم يكمل ما زاد حفظكم الله؟
يكمل ما زاد لو كان متنفلا؛ فإذا صليت في المسجد هناك صلاة العشاء كاملة، ثم أتيت والجماعة هنا لم يصلوا أي لم يكملوا صلاتهم أدرك معهم ركعتين إذا سلموا تقضي ما فاتك.
س: يقول: والدي توفي وكان عليه دين أو ولد توفي وكان عليه دين، ووالده يعلم ولم يسدد، هل على الوالد إثم؟
إذا كان للولد تركة فلا يجوز تقسيمها ما بين والده وأولاده ولا غيرهم حتى يقضى الدين، وكذلك أيضا إذا كان لا مال له ولا تركة ولكن تلزم أباه نفقته، وأبوه قادر وجب عليه الوفاء؛ فيجب الوفاء على من تلزمه نفقته من أب أو غيره.
س: يقول السائل: يوجد ناس في المساجد يوم الجمعة إذا صلى الفجر وضع في مكانه في الصف الأمامي يضع مشطه أو حامل المصحف، أو يوصي من يضع له هذا الشيء، ولا يحضر إلا في الساعة العاشرة أو العاشرة والنصف هل هذا العمل جائز؟
لا يجوز وذلك لأنه تحجر بغير استحقاق، والحق لمن سبق؛ إنما يجوز إذا وضع ما يأتي له مكانه وذهب ليجدد الوضوء، أو ليقضي حاجة عادية أو ما أشبه ذلك ويرجع بسرعة، أو كان مثلا في جانب المسجد يقرأ وقد وضع له مكانا فمثل هذا جائز، فأما الذي يذهب إلى بيته، أو يذهب إلى دكانه أو ما أشبه ذلك، فيغيب عن مكانه الذي حجره أربع ساعات أو نحوها فنرى أنه لا حق له في ذلك.
س: يقول فضيلة الشيخ حفظك الله: للمعلم إجازة اضطرارية قدرها عشرة أيام خلال العام الدراسي هل يجوز أخذها لأداء العمرة؟
هذه للمعلمين ولغيرهم، ولكن المعلمون والمدرسون عادة أن عملهم متواصل، وأن غيابهم يخل بالعمل، ويخل بالدروس التي يلقونها على الطلاب؛ فنرى أنهم لا يأخذونها، ولكن عندهم إجازة في الأسبوع، وعندهم إجازة الربيع يتمكنون من قضاء العمرة فيها، أما غيرهم فلا بأس من الموظفين الذين يعملون السنة كلها لهم أن يأخذوا إجازة اضطرارية يعتمرون فيها، أو يسافرون فيها للفرجة أو النزهة أو ما أشبه ذلك.
س: وهذا يسأل عن المنهجية المثلى في طلب العلم ؟
البداءة بالأهم فالأهم، الذي يطلب العلم الصحيح يبدأ بالأهم، فيبدأ بحفظ القرآن ثم بتفسير ما تيسر منه، ثم بحفظ ما تيسر من السنة، ثم يهتم بكتب العلماء؛ فيبدأ بعلم العقيدة، وعلم الأحكام الذي هو مهم، ثم بعد ذلك له أن يتوسع بحسب ما يستطيع؛ يقرأ في المطولات ويقرأ في الفروع وما أشبه ذلك.
س: يقول: فضيلة الشيخ، يظن كثير من العامة أن زكاة التمور لا تجب إلا على من عنده مزرعة فقط، ولذا نرى كثيرا منهم عنده استراحات فيها كثير من النخل وكذلك في البيوت، وقد تكون قد بلغت النصاب؛ ولكن ما يزكونها، نرجوا من فضيلتكم بيان حكم ذلك وكيفيه إخراج زكاة التمر؟
إذا كان عندك نخل ولو نخلتان وبلغ ثمرهما النصاب ففيهما الزكاة، النصاب قدره خمسة أوسق، والوسق ستون صاعا، بالصاع النبوي الصاع النبوي يعني هو: مثل الصاع الذي كان معروفا عندنا إلا أنه ليس عليه علاوة إنما يمسحونه مسحا فهذا هو النصاب؛ فإذا بلغت ثمرة هذا النخله التى عندك في بيت أو عندك في استراحة أو نحو ذلك؛ إذا بلغت خمسة الأوسق تقارب في هذه الأزمنة نحو سبعمائة كيلو إذا بلغ ذلك ففيه الزكاة.
وكيفية الزكاة....
ريالين يخرج من كل قيمة نصف العشر.
س: يقول : فضيلة الشيخ بدأت في السنوات الأخيرة حفل معايدات الدوائر الحكومية والمدارس، وكذلك مع بداية الدراسة ما حكم هذه المعايدات؟
إذا كان هي التهنئة فهذه متقدمة؛ يعني تهنئة بهذه المناسبة بأن يقول: هنيئا لك إدراك هذا العيد المبارك، أو أعادك الله أو أعاده الله علينا أو ما أشبه ذلك؛ فلا مانع من ذلك؛ لأن التهنئة بالأشياء التي لها مناسبة لها أصل؛ كان السلف يتهانون بإدراك رمضان يهنئ بعضهم بعضا؛ وذلك لما فيه من الفضل، وكذلك لإدراك عيده. أما إذا كانت على غير ذلك بأن يكون معها شيء من الاحتفال فنرى أنه لا يجوز.
س: يقول : هذا والد عنده بنت بلغ عمرها ثلاثين سنة، وتقدم لخطبتها رجال أكفاء ويردهم بأعذار غير صحيحة، فهل يعتبر في ذلك الإذن؟
يعتبر، ولها والحال هذه أن تقدم إلى القاضي أنه عضلها؛ الله تعالى يقول: فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ وللقاضي أن يخلع ولايته، وأن يولي عليها غيره كأخيها أو عمها أو ابن أخيها ونحوهم.
س: يقول : فضيلة الشيخ هل الزواج حق للابن على أبيه، وإذا كان كذلك فحثوا الآباء جزاكم الله خيرا؛ حيث يقول أبي: اجمع الدراهم وزوج نفسك؟
حق على الأب؛ كما أن عليه أن ينفق على أولاده طعاما وكسوة، فكذلك أيضا إذا كان قادرا فإنه يزوجهم ويدفع المهور؛ وذلك لأنه مسئول عنهم، وهو إنما يجمع هذا المال لأجل أولاده؛ لا يريد أن يذهب به إلى المقابر إذا مات لا يذهب معه إلا كفنه؛ ففي هذه الحال من بلغ من أولاده وطلب النكاح فعليه أن يزوجه إذا كان قادرا؛ أما إذا كان عاجزا فإنه معذور إذا كان فقيرا فإنه معذور، وعلى الابن أن يحرص على التكسب وطلب الرزق إلى أن يجد ما يتزوج به.
س: يقول السائل : هل دعاء الاستخارة يقال بعد السلام أم قبله ؟ وهل يصح قول هذا الدعاء بدون الركعتين؟
المشروع أنه بعد السلام؛ لأنه قال: يصلي ركعتين ثم يقول أي بعدما يسلم من الركعتين يأتي بهذا الدعاء، والأصل أيضا إذا أراد أن تكون الاستخارة كاملة ألا يترك الركعتين؛ بل يصلي ركعتين ثم بعد ذلك يمد يديه ويدعو بهذا الدعاء، وإذا رأى أن نفسه انبسطت بذلك الأمر وأنه ارتاح له؛ فذلك مما يدل على أنه حسن فيمضي فيه.
س: يقول السائل : يلاحظ كثرة خروج النساء إلى الأسواق فما نصيحتكم لأولياء أمورهن؟
نصيحتنا أن يبقوا الأولياء على نسائهم، ألا تخرج المرأة إلا لضرورة، وأن تخرج مع محرمها حتى لا تلتفت إليها الأنظار، وأن تخرج محتشمة متسترة غاية التستر، وإذا انقضت حاجتها رجعت من فورها إلى منزلها، فإن خيرا للمرأة ألا ترى الرجال ولا يراها الرجال.
س: يقول السائل : إذا سلم المسلم على جماعة من المسلمين ولم يردّ إلا واحد منهم، فهل يتم الواجب أم لا بد من الجميع الرد؟
يتم الواجب؛ ورد في ذلك حديث مذكور في مشكاة المصابيح وغيرها أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: يجزئ عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدهم، ويجزئ عن الجماعة إذا سلم عليهم أن يرد أحدهم وذلك لأن القصد هو إلقاء السلام؛ فإذا قال: السلام عليكم وكانوا مائة أجزأ عن هؤلاء المارين، وإذا قال هؤلاء: عليكم السلام لأنهم ولو كانوا مائة.
س: يقول : بالأمس في صلاة رباعية فاتتني ركعة، وعندما سلم الإمام قمت لأداء ما فاتني من الصلاة وفجأة سجد الإمام سجود السهو بعدما سلم، والسؤال هل أسجد أنا سجود السهو مثلما فعل الإمام مع العلم أني واثق لم يفتني شيء؟
نعم، إذا سها الإمام سجد الإمام وسجد من خلفه، ثم أنت لم تنتبه إلا بعدما قمت وبدأت في القراءة؛ بدأت في القراءة فسجد الإمام بعد السلام فلا ترجع واسجد في آخر صلاتك، وأما إذا سجد قبل أن تتم قائما فارجع واسجد قبل السلام؛ يعني ارجع واسجد ولا تسلم؛ بل تقوم بعد سجودك وتكمل صلاتك.
س: السؤال الأخير يقول : ما حكم ذبح البهيمة الميئوس من شفائها ورميها بعد ذبحها ؟
نرى أنه لا يجوز، وأن الأصل الإنفاق عليها إلى أن تموت؛ حتى ولو لم تكن معقولة؛ يعني: مثال ذلك الحمر إذا مرضت فلا يجوز ذبح الحمار ويقال نريحه، ولا فائدة في بقائه، بل يلزم صاحبه أن ينفق عليه حتى يموت، فكذلك في الشاة المريضة.
ثم أيضا كان الناس يأكلونها وهي مريضة ولا يضرهم؛ بمعنى أن طبخها يزيل الأذى والمرض الذي يكون في ذلك اللحم، ويُرجى مَن هم بحاجة لها؛ فنقول: إذا عرف أن هناك فقراء يعوزهم تحصيل اللحم؛ فذبحها وإعطاؤها لهم أولى كما كانوا يأكلونها قبل أربعين سنة وهي مريضة ولا يضارون في ذلك، والله أعلم، وصلى الله على محمد . جزى الله فضيلة الشيخ خير الجزاء على ما قدمه وأفاد وأجاد.