جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. logo اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
shape
محاضرة الإيمان باليوم الآخر
14612 مشاهدة print word pdf
line-top
الله تعالى على كل شيء قدير

من الإيمان بالغيب أيضا الإيمان بقدرة الله، الإيمان بأنه تعالى على كل شيء قدير، وأنه لا يعجزه شيء. يدخل في ذلك الإيمان بقدرته على العقاب، والإيمان بقدرته على العذاب، والإيمان بقدرته على الانتقام ممن عصاه وما أشبه ذلك. قد أخبر الله تعالى بعموم قدرته إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ بمعنى أنه قادر على كل شيء، لا يخرج عن قدرته شيء.
وصف نفسه بأنه عزيز ذو انتقام، ينتقم ممن عصاه وخالف أمره، وصف نفسه بأنه شديد العقاب؟ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وكذلك أيضا أخبر سبحانه وتعالى بأنه قد انتقم من الكفار، وأنزل بهم العذاب وأحل بهم المثلات، وأنه أقوى منهم وأقدر.
لما ذكر الله عن عاد أنهم قالوا: مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً قال الله : أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً لا مساواة ولا مقاربة؛ فالله تعالى قادر على كل شيء إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ؛ فعطاؤه كلام وعذابه كلام. من آمن بأن الله على كل شيء قدير؛ فإنه يثق بأنه سبحانه هو الذي يعطي ويمنع ويصل ويقطع، ويخفض ويرفع، وأنه على كل شيء قدير.
وأنه عزيز ذو انتقام، وأنه قد أحل لمن عصاه أنواع العقوبات، وانتقم منهم وأحل بهم أنواع المثلات؛ فلا يعجزه شيء، ولا يخرج عن قدرته شيء من المخلوقات. ذلك بلا شك دليل واضح على أنه على كل شيء قدير، وأنه قادر على أن ينتقم من العصاة ونحوهم، أثر هذا الإيمان بالغيب الانزجار عن المعاصي. إذا تذكرت أيها العاصي أن الله تعالى أهلك قوم نوح بالغرق كما في قول تعالى ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ وأهلك عادا أرسل عليهم رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ .
وأهلك قوم ثمود؛ فأرسل عليهم صيحة أخذتهم فماتوا موتة رجل واحد، وأهلك أيضا قوم شعيب وغيرهم. أهلكهم وانتقم منهم، وأغرق فرعون وقومه، وأنه أيضا أنجى أنبياءه. أنجى نوحا في السفينة، وكذلك أنجى هودا وصالحا وشعيبا وموسى ونحوهم، أنجاهم من العذاب الذي أحله بمن خالفهم.
أليس ذلك دليلا على عموم قدرته؟ على أنه قادر أن يعذب هؤلاء؟ وقادر على أن ينجي هؤلاء؟ فهو سبحانه الذي ينجي من يشاء، ويعذب من يشاء. هذا ونحوه الدليل الواضح على أن من آمن بالغيب انزجر عن المعاصي والمحرمات، نكتفي بهذا فيما يتعلق بالإيمان بالله تعالى.

line-bottom