إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
محاضرات في محافظة الباحة
3616 مشاهدة
تبرج النساء وصوره

لا شك أن الدعايات التي تدعو إلى تبرج النساء وخروجهن كاشفات سافرات ملقيات جلباب الحياء؛ أن هذه حيلة من حيل الأعداء مخالفين لتعاليم الإسلام. قال الله تعالى: وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى يخاطب نساء النبي صلى الله عليه وسلم، والخطاب عام لكل امرأة مسلمة. كذلك قال الله تعالى: غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ نهاهن أن يتبرجن، والتبرج هو: إبداء الزينة؛ إبداء المحاسن أمام الرجال. ولا شك أن ذلك من أكبر الفتن.
كذلك قال الله تعالى: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ أمر المرأة أن تستر وجهها، وأن تستر فتحة جيبها. فإن ذلك بلا شك؛ فتحة الجيب أخف من الوجه أخف من إبداء الوجه ومن إبداء الزينة، فكيف تؤمر بأن تستر فتحة الجيب ومع ذلك تبدي الوجه الذي هو مجمع المحاسن؟
كذلك من التشبه ما وقع فيه النساء أو كثير منهن من تضييق الأكسية. فإن المرأة إذا خرجت أو احتاجت إلى الخروج مأمورة بأن تلبس فضفاض اللباس الواسع الذي لا يبين شيئا من تفاصيل بدنها، بل يستر جميع بدنها. فتلبس ثوبا واسعا بحيث إنه يستر قدميها وكفيها ولا يتبين شيء من أعضائها. وكذلك تلبس فوقه عباءة أو مشلحا؛ تضعه على رأسها وترخيه تحت رجليها. سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذيول النساء فقال: يرخين شبرا . فقال بعضهم: إذن تبدو أقدامهن، فقال: يرخين ذراعا ولا يزدن على ذلك أباح لها أن ترخي ثوبها وأن ترخي مشلحها على الأرض ذراعا؛ حتى إذا مشت لا يرتفع ولا يبدو شيء من أقدامها. مما يدل على أن رؤية قدمها عورة لا يحق لها أن تبديه أمام الرجال الأجانب.
كذلك أيضا لا يجوز لها لباس الضيق الذي إذا لبسته تبين شيء من بدنها. فاللباس الذي يبين ثدييها أو يبين منكبيها أو يبين أليتيها أو عظام صدرها أو تفاصيل ظهرها لا شك أنه يشبه العري. فلا يحق لها والحال هذه أن ترتدي شيئا من هذا اللباس الذي يكون فتنة لمن رآها وهي في تلك الحال.
وكذلك أيضا احتال الأعداء لما أنهم رأوا أن النساء بدأن يستجبن. فاحتال الأعداء في أن يجلبوا تغيير المرأة بكل ما يستطيعونه، تغييرها عما كانت عليه سابقا. فمن ذلك تغييرها في شعرها، فكان النساء قديما يفتخرن بطول الشعر وبنشره ذوائب، كما يقول شاعرهم:
نشرت ذوائبهـا التي تزهـو بهـا
سـودا ورأسـك كالثغـامة أشيب

فذوائب المرأة تعتبر زينة تتجمل بها. فجاء هؤلاء فزينوا تغييرها. ومن ذلك تزيينهم قص شعرها؛ حتى تكون شبيهة بالرجل. مع أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى المرأة أن تحلق رأسها بالنسك الذي الحلق فيه يعتبر أفضل من التقصير. ومع ذلك منعها وأمرها بأن تقصر من شعرها بعد التحلل من النسك من الإحرام بعمرة أو بحجة.
فكل ذلك بلا شك محافظة على زينتها. يعني أن زينتها في إطالة هذا الشعر. كذلك زين لهم تغيير هذا الشعر بأن يجعل صبغه ملونا ما يسمونه بميشن أو نحوه؛ بحيث تجعل قسما منه أحمر وقسما أسود وقسما أبيض إلى آخر ذلك. وهذا أيضا مستحدث قلدن فيه كثيرا من الأجنبيات. كذلك أيضا من تقص شعرها حتى يكون شبيها بالمدرجات. كل ذلك مما جاء به الغرب؛ حتى يلفتوا أنظار الرجال إلى النساء اللاتي بدين بهذه التغيرات. ولو بقيت على حالتها توفر شعرها وتصنعه جدائل عن يمينها وعن يسارها وخلفها؛ كما كان نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- وبناته، وكما كان نساء المؤمنين؛ لكان ذلك أتم لجمالها.
ولكن هؤلاء الدعاة من الكفرة ونحوهم حريصون على تغيير خلق الله وقد ورد أنه -صلى الله عليه وسلم- لعن المتمثلين بالشعر أو الممثلين بالشعر. أو ذكر عنهم شيئا يعيبه بهم، إما ذمهم وإما انتقد حالتهم. فدل على أن التمثيل بالشعر الذي إطالة بعضه وتقصير بعضه وتلوين بعضه بلون مخالف للون الآخر أن ذلك داخل في الوعيد الذي توعد به من يمثلون بالشعر.
كذلك أيضا زين هؤلاء الأباليس للنساء المؤمنات أن يغيرن أيضا وجوههن؛ وذلك بما يظهر من تغيير البشرة بما يسمى مكياجا أو ما أشبه ذلك، ولباس ما يغير الخلقة مما يسمى على الأظافر مناكير أو ما أشبه ذلك. لا شك أن هذا كله من مصائد الشيطان، ومن مكائد أعداء الله؛ الذين يريدون أن يصطادوا المسلمين ويصرفوهم عن دينهم إلى أن يوقعوهم فيما يفتنهم.
وكذلك أيضا ننبه إلى بعض الأخطاء التي وقع فيها كثير من نساء المؤمنين والتي يكثر الدعاة إليها في هذه الأزمنة. نقول: كثر الدعاة باختلاط النساء بالرجال ودعوا إلى أن المرأة شقيقة الرجل، فلماذا لا تخرج وتتوظف مع الرجال جنبا إلى جنب في المستشفيات أو في المدارس أو في المكاتب أو في الإدارات أو ما أشبه ذلك؟ وما علموا أن المرأة إذا بقيت في دارها فإن ذلك أصون لها؛ لقول الله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى أي: اثبتن في بيوتكن ولا تخرجن.
لا تخرج المرأة إلا لحاجة أو ضرورة. إذا خرجت فإنها تخرج محتشمة. إذا خرجت لسوق، أو خرجت لمستشفى، أو خرجت لزيارة قريب لها أو ما أشبه ذلك؛ فإنه يجب عليها الاحتشام والتستر. ثم ترجع بسرعة بعد قضاء حاجتها من السوق ونحوه. فأما إذا خرجت وهي متبرجة، أو خرجت وليس لها حاجة وأبدت ساعديها وأبدت حليها الذي في أصابعها من خواتيم أو في ذراعيها من أسورة؛ فإن ذلك يكون فتنة لمن نظر إليها، ويكون ذلك من أسباب كثرة الفساد وانتشار الفواحش وما أشبه ذلك.
وهكذا أيضا سعى أعداء الله إلى أن يميزوا النساء إذا خرجن بلباس معين. حتى في الأحذية يخترن للنساء هذه الأحذية التي هي مرتفعة الأعقاب. يعني أنها إذا مشت على تلك الحذاء التي قد رفعوا ما يسمى بالكعب العالي كان ذلك ميزة لها؛ حتى أنها تتمايل وينظر إليها الناظرون نظر إعجاب. لا شك أن هذا مما ننهى عنه أو نحذر منه، ومما هو أيضا ضار صحيا كما ذكر ذلك الأطباء والمتخصصون.
وكذلك أيضا ظهر في هذه الأزمنة أيضا ما يسمى بالنقاب. النقاب القديم كان غطاء تفصله المرأة على وجهها، وتجعل فيه ثقبين صغيرين بقدر حدقة العين؛ قدر رأس الإصبع لتبصر معه، وقد تجعل أيضا فوقه خمارا يستر تلك الفتحتين. ولكن جاء في هذه الأزمنة هذا النقاب الذي تلبسه كثير من النساء، وتفتح أو توسع فتحات العينين بحيث تبدو العين كاملة. وقد يبدو الحاجب وبعض الجبين ويبدو الأنف وتبدو بعض صفحات الوجه؛ فيكون فتنة لافتا للنظار. إذا نظر إليها الرجال وهي في تلك الحال. وقد تكون أيضا مكتحلة متجملة مجملة عينيها؛ فيكون ذلك من باب الفتنة.
لذلك نقول: إن على النساء نساء المؤمنين أن يبتعدن عن مثل هذه التقليدات التي هي مخالفة لتعاليم الإسلام، والتي فيها خطر على نساء المؤمنين. لا شك أن خير ما للمرأة ألا تنظر إلى الرجال، وألا ينظر إليها الرجال ؛ كما روي ذلك عن فاطمة بنت النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت ذلك فصدقها النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال: ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ .
كذلك أيضا احتال هؤلاء الأعداء بإرسال هذه الأجهزة التي تبث الشرور والسموم أمام الرجال والنساء، وهي ما يسمى بالدشوش. وكذلك الصور الفاتنة التي يصورونها ويرسمونها، سواء في أشرطة الفيديو ونحوها، أو في صحف ومجلات خليعة مليئة بهذه الصور. إذا نظر إليها النساء نظرن إلى أولئك المتجملات اللاتي أبدين وجوههن وأبدين زينتهن متكحلات متجملات. فيحملهن ذلك على أن يقلدن هؤلاء، ويدعين أنهن أهل الرقي، وأنهن أهل التقدم، وأنهن اللاتي تحررن من قيد الملكية. وأننا إذا لم نفعل ذلك فإننا نكون مغلوبا على أمرنا، ويكون الرجال مستولين علينا، ولو كانوا أصغر منا، ولو كانوا أبناءنا أو نحو ذلك. لا شك أن هذه أيضا من المصائب.