الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
لقاء مفتوح بمخيم الردف
3629 مشاهدة
العبد يحتقر عمله أمام نعم الله عليه

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، صلى الله وسلم على أشرف المرسلين؛ نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإني أستغفر الله من أن أكون عند الناس -أعوذ بالله أن أكون في أعين الناس-كبيرا، وعند الله صغيرا، وأقول كما قال الشاعر القحطاني:
والله لو علمـوا بقبح ســريرتي
لأبـى السـلام علي من يلقـاني
ولأعرضـوا عنـي وملوا صحبتي
ولبــؤت بعـد كرامـة بهـوان
وأقول كما قال أبو بكر -رضي الله عنه- اللهم اغفر لي ما لا يعلمون، ولا تؤاخذني بما يقولون.
ولا أحب أن أواجه بمثل هذا الإطراء وهذا الرفع، فلسان الحال يقول:
أنا العبـد الذي كسب الذنــوبـا
وصدتــه الأمــاني أن يتـوبـا
فأنا:
لــي ذنـــــوب شــغلتني
عــن صيــــامي وصـلاتـي
تــركت جســـمي عـلــيلا
مـات مـن قبــل وفـــــاتي
ليتنـــي تبــت لـــــربي
مــن جـــميع الســـــيئات
أنـــا عبـــد لإلهـــــي
مغضــب فــي الخـــلــوات
قـد تــوالت ســـــيئاتي
وتلاشـــت حســـــــناتي
أسـتغفر الله من صيـــــامي
طـول زمــاني ومن صــــلاتي
صـــوم يـرى كلـه خــروق
وصــلاة أيمـــــا صـــلاة
أيها الأخوة، لا شك أن كلا منا عليه ذنوب، وعليه خطايا، وأننا بحاجة إلى أن نستغفر ربنا، وأن نتوب إليه، ولو عمل أحدنا ما عمل، ولو أتى بأمثال الجبال من الحسنات فإنه لا بد وأن يستقل عمله، ولا بد أن يتمنى أنه تزود.
كما ورد ذلك في حديث أنه: ما من أحد يأتيه أجله إلا تمنى أن يرد إلى الحياة؛ إن كان مسيئا تمنى أن يرد حتى يتوب، وإن كان محسنا تمنى أن يرد حتى يتزود من الحسنات؛ وذلك لأنه مهما عمل من الحسنات فإنها قليل بالنسبة إلى فضل الله تعالى عليه، وبالنسبة إلى ما تفضل الله به تعالى عليه من النعم التي لا تحصى، والأيادي التي لا تستقصى.
روي في بعض الأحاديث أن الله تعالى يحضر رجلا، وله حسنات أمثال الجبال فيقول: أدخلوه الجنة برحمتي. فيقول: يا رب: أليس بأعمالي هذه؟! فيقول الله: حاسبوا عبدي على نعمي عليه. فيحاسب على نعم الله فلا يبقى له من عمله شيء. فيقول الله: أدخلوه النار. فيقول: يا رب بل برحمتك أدخل الجنة. فيدخله الله الجنة برحمته. .
مهما كانت الأعمال، ومهما كانت الحسنات، فإنها قليلة بالنسبة إلى نعم الله سبحانه وتعالى؛ حيث تفضل على عباده بما أسداه عليهم من الفضل الكبير؛ فلو حاسبه على نعمة البصر ما بقي له من عمله شيء، ولو حاسبه على نعمة السمع، ولو حاسبه على نعمة العقل، ولو حاسبه على نعمة البطش، وعلى نعمة المشي، وعلى نعمة الأمن، وعلى نعمة الصحة، وعلى نعمة المال، وعلى نعمة الأولاد، وعلى نعمة الهداية: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ .
وأصرح من ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله. قالوا: يا رسول الله ولا أنت؟! قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل هذا مع ما معه صلى الله عليه وسلم من كثرة الاجتهاد في العمل، وكثرة الصالحات، وما تفضل الله تعالى به عليه.
فقد كان صلى الله عليه وسلم يقوم الليالي حتى تفطرت قدماه، فقيل له: أتفعل ذلك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟! قال: أفلا أكون عبدا شكورا -اللهم صل وسلم عليه- أفلا أكون عبدا شكورا يعني: أن من شكر الله تعالى أن يأتي العبد بما يستطيعه من الأعمال الصالحة، مهما عمل فإنه سوف يستقله، وسوف يتمنى أن يعاد إلى الدنيا حتى يتزود.
فنقول: وصيتنا لكل عبد مسلم، وصيتنا لكل من هداه الله تعالى: ألا يمدح نفسه وألا يزكيها، ولو عمل ما عمل؛ فكثير من الناس إذا نصحته وقد رأينا منه نقصا أو خللا يقول: أنا أصلي، أنا أصلي مع الجماعة، أنا أحافظ على الصلاة، فيدخل في تزكية النفس التي ذمها الله تعالى، ونهى عنها. لا شك أن هذا من التزكية التي قال فيها الرب تعالى: فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى أي: لا تمدحوا أنفسكم؛ بل احتقروا أعمالكم مهما كانت واستقلوها؛ حتى تستكثروا، وحتى تتزودا.
واعترفوا على أنفسكم بكثرة الخطايا؛ فإن الإنسان يكتسب خطايا كثيرة دائما؛ يكتسب خطايا بلسانه وهو لا يشعر؛ يكتسب خطايا بقلبه، بما يحدث به قلبه، يكتسب خطايا ببصره، أو بسمعه، أو بيديه، أو بقدميه، أو يكتسب في ماله، أو يكتسب بتساهله في أمر الله سبحانه وتعالى، وكلها تكتب عليه؛ ولذلك يقول الله سبحانه وتعالى: أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ يعني أنه إذا أحضر للأعمال وحوسب عليها وجد ربنا سبحانه وتعالى قد أحصى عليه مثاقيل الذر، فيندم حين لا ينفعه الندم، ويتمنى أنه استعتب، وأنه تاب واستغفر، ولكن عندما لا ينفع الندم، عندما يقرب الأجل، فما دام الإنسان في هذه الحياة الدنيا فإن عليه أن يستكثر من الحسنات، وما أكثر الوسائل التي إذا عملها العبد زيد بها في حسناته، وكفر بها عن سيئاته.
ولقد وردت الأدلة الكثيرة في ذكر عقوبات الله تعالى على السيئات وعلى المخالفات، وكذلك أيضا ذكر الله تعالى لما أنزله بالعصاة؛ أنزل بهم المثلات، وأنزل بهم العقوبات؛ لأجل أنهم نقصوا من حسناتهم، وزادوا في سيئاتهم، وتمادوا في الغفلة، وأكثروا من المخالفات، فأحصاه الله تعالى ونسوه، وحاسبهم عليه، ونشره لهم في يوم القيامة، عندما يقرأ أحدهم كتابه: وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا .