تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
لقاء في عنك
2396 مشاهدة
بيان منزلة العلوم الشرعية وشرف مصدرها

مصدر هذا العلم كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. كتاب الله تضمن الله تعالى حفظه إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ وإذا تكفل الله بحفظه دل على أنه عمدة، وأنه عدة للأمة الإسلامية. وقد أخبر الله تعالى بأنه يسره وسهله، فأول شيء حِفظه عن أيدي العابثين بحيث لا يتمكنون من تغييره أو زيادة فيه او إضافة أو إبدال أو غير ذلك فهذا هو الأول.
ثانيا: أنه سهله، قال الله تعالى: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ وقال: فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ وإذا كان الله قد يسره فإن من تيسيره تيسير حفظه، وكذلك تيسير فهمه؛ فحفظه أن يعتني به طالب العلم، وأن يحرص على أن يعمل به، وعلى أن يتعلم ما دل عليه. لا شك أن هذا من جملة ما يجب أن يعتني به حفظه ثم فهمه وتدبره وتعقله، ثم بعد ذلك التزود من العلوم التي فيه والتي تتعلق بالأولين والآخرين وتتعلق بالوعد والوعيد.
كذلك علم السنة، السنة النبوية التي هي ميراث الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، والتي بين بها النبي -صلى الله عليه وسلم- كتاب الله سبحانه وتعالى، أمره الله بالبيان في قوله تعالى: وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ فتعتبر سنته بيانا لما أنزله الله تعالى من القرآن، بيانا بالقول وبيانا بالفعل. وقد أمرنا الله تعالى باتباعه وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وإذا كان الله فرض علينا اتباعه فإن من اتباعه العمل بسنته، وإن من العمل بها أو قبل العمل بها معرفتها.
ونقول أيضا: إن سنته صلى الله عليه وسلم قد حفظها الله، قد تولى الله تعالى حفظها وذلك بأن سخر لها من يعتني بها؛ فالصحابة -رضي الله عنهم- رزقهم الله تعالى حفظا فحفظوا أقواله صلى الله عليه وسلم وحفظوا أفعاله، كذلك التابعون لهم بإحسان قد وفقهم الله فنقلوا تلك السنة ودونوها وحفظوها؛ فأصبحت موفرة أصبحت قريبة التناول ليس دونها صعوبة.
وفي هذه الأزمنة خدمها العلماء خدمة وافية فأصبحت في متناول الأيدي؛ فأولا طبعت، وثانيا صححت، وثالثا فهرست، ولم يبق إلا القراءة، ما بقي علينا إلا القراءة. ذكر بعض العلماء مثلا أن الأولين غرسوا أو زرعوا، ثم بعد ذلك سقوا وراعوا الزروع والنبات، ثم بعد ذلك حصدوا، ثم صفوا الحبوب ونحوها، ثم طحنوا ثم خبزوا، ثم ودموا الأطعمة بالإدام النافع وما بقي لمن بعدهم إلا الأكل. كأنهم يقولون: خدمناكم بهذه الخدمة وما بقي عليكم إلا أن تأكلوا، لا شك أن المراد بذلك خدمة هذه السنة حتى ما يبقى علينا إلا أن نتناول ونعمل بها، ما بقي علينا إلا العمل بها؛ حيث يسروا لها الأسباب.