إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
كلمة توجيهية في مكتب الدعوة بجدة
2198 مشاهدة
دور الأثرياء في خدمة الدعوة

ولا شك أيضاً أن هناك أهل ثروات يحبون أن يبذلوا من الأعمال الخيرية من المال في سبيل الله تعالى، يوجدون بكثرة، وإن كانوا قد يبخلون أحياناً وقد يقلون في بعض الأزمنة وفي بعض الأمكنة ولكن إذا أتاهم من يهزهم ويشجعهم بذلوا ما يتيسر من الأموال مما يستعان به على نشر الكتب والأشرطة والمطويات وما أشبه ذلك .
وكذلك على تشجيع الدعاة وعلى تأمين ما يحتاجون إليه بمكاتب الدعوة وكذلك في فروعه التي هي المندوبيات، فكل ذلك يتيسر إن شاء الله، ولا شك أن هناك من يبذلون أموالاً طائلة في سبيل الشيطان، في الدعايات إلى المنكرات وما أشبهها، فإذا كان لهم هذا النشاط الملموس فلا يحق لأهل الخير أن يكون نشاطهم أقل ونفقاتهم أضعف، معلوم أن هناك أثرياء يشجعون على الغناء وأشرطة الغناء والأفلام الخليعة يبذلون أموالاً طائلة في تمكينها وفي توزيعها مجاناً، وكذلك أيضاً في طبع كتب البدع والدعاية إلى البدع وما أشبهها، فالواجب على الأثرياء من أهل الخير أن لا يغلبهم أثرياء أهل الشر، بل عليهم أن يكونوا أسخى منهم، وذلك إذا شجعهم أهل الخير من الدعاة ومن المصلحين ونحوهم .
فإذا شجعوهم وبينوا لهم أن النفقة في هذا مما يخلفه الله تعالى على حد قوله تعالى: وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ وأنه مما يضاعفه أضعافاً كثيرة لأنه نفقة في سبيل نشر العلم ونشر الدين ومكافحة البدع والمعاصي، وذلك داخل في النفقة في سبيل الله التي يضاعفها الله إلى سبعمائة ضعف، فإذا جاءهم من يشجعهم سخوا بما تيسر من المال ووفقهم الله تعالى وأعطوا في سبيل ذلك حتى يقوى الحق ويقوى الدعاة إليه في كل مكان وتكثر الفروع من مكاتب الدعوة، ويتمكنون من الاستقلال بأنفسهم، هناك مكاتب دعوة في كثير من القرى ومن المدن صاروا لا يحتاجون إلى تبرعات ذلك لأنها كثرت عندهم التبرعات ولما كثرت استأذنوا من تبرع أن يجعلها في أماكن.. عليهم، فعمروا عمارات وأجروها ودكاكين ومحطات وقود ونحوها وصارت أجرتها سنويا تكفي لنفقات تلك المكاتب ونحوها ولا يحتاجون إلى أن يسألوا كل سنة يا فلان تبرع لنا، لدرجة أنهم استقلوا بنوا لهم أيضا أماكن مملوكة بدل ما كانوا يستأجرون.
ولا شك أن ذلك كله مما يدل على ما قاموا به وصحة نياتهم، حيث وفقهم الله تعالى لذلك، وأعانهم أهل الخير على الاستقلال وعلى مضاعفة الجهود، وهكذا ينبغي في مثل المدن الكبيرة كهذه المدينة أن يكون لهم النشاط، لأن المدن الكبيرة يتواجد فيها الأثرياء بكثرة، الذين يملكون مئات الألوف وألوف الألوف من الأموال وما يساويها من العقارات ونحوها، إذا طلب من أحدهم أن يتبرع ببناء سكن أو بناء مشروع خيري أو بناء مشاريع .. على الدعاة ونحوهم، فإن في ذلك إن شاء الله ما تقوى به معنوياتهم وفيه ما يستقلون به ولا يحتاجون إلى غيرهم، وما يأتيهم من التبرعات التي تستمر كل سنة يستطيعون أن يصرفوها في مكاتب أخرى، فإن البلاد واسعة لو جعل فيها عشرون أو ثلاثون مكتباً لم تقم بحاجتها كلياً، فلا بد أن تتضافر الجهود ويعمل كلا مما يستطيعه.