عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
شهر رمضان استقباله - قيامه - أصناف الناس فيه
9119 مشاهدة
أقسام الناس في القربات

إذا نظرنا الناس في هذه البلاد وجدناهم أقسامًا: فقسم منهم من الله تعالى عليهم بمحبة الصلاة، فيصلون خمس ساعات إما من أول الليل أو من آخره، وربما صلوا ستَّ ساعات أو ما أشبهها، فيصلون تضرعا ومحبة، فيخشعون فيها ويخضعون، فهؤلاء خيرة الله، فهؤلاء صفوة الله تعالى من خلقه، فهؤلاء أهل التقوى، هؤلاء هم الذين مدحهم الله تعالى بقوله: كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وبقوله: وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا .
وهناك قسم ثان من خير الأقسام أيضًا، وهم الذين يبيتون ليلهم يقرءون كلام الله تعالى، جماعات وفرادى، ويتدبرونه ويتعقلونه، يجدون فيه لذتهم وسلوتهم، فهؤلاء من خير الأقسام، حيث إنهم قطعوا ليلهم في عبادة، في قراءةٍ وتدبرٍ وذكرٍ ودعاءٍ ونحو ذلك.

وهناك قسم ثالث يقطعون ليلهم في تنمية أموالهم، فصاحب التجارة ينمي تجارته طوال ليله، يحسب ربحه بالدرهم أو دراهم قليلة ويترك تلاوة كتاب الله والتقرب إليه بهذه الصلاة، وصاحب الصنعة يعمل في حرفته يدوية أو نحوها، يربح ربحا دنيويا، ولو فاته الخير، ولو فاتته العبادة، ولو فاته التهجد والتقرب، يقدمون المصالح الدنيوية وما أشبهها، وهؤلاء يظهر أنهم عبيد للدنيا، حيث قدَّموا دنياهم على مصالح الآخرة.
وهناك قسم رابع يقطعون ليلهم في سهو ولهو، بغير فائدة، فمنهم من يقطع ليله في مجالس القيل والقال، وفي مجالس الكلام الذي لا أهمية له، ومنهم من يقطعون ليلهم بالتسكع في الأسواق، والذهاب والإياب، ليس لهم حاجة إلى بيع ولا شراء، وإنما يتنقلون ذهابا وإيابا، أو تجدهم أيضا جلوسا على الأرصفة ليس لهم إلا تجارة التحدث بما لا أهمية له، ثقلت عليهم الصلاة، ثقلت عليهم العبادة، ثقل عليهم القرآن، ثقلت الشريعة، وهان عليهم التسكع والتنقل ،وقطعوا الليل يريدون بذلك أن يناموا بالنهار، فلا يشعرون بألم جوع أو ظمأ في صيامهم، وهذا مقصد سيئ.
وهناك قسم خامس، يقطعون ليلهم في المعاصي والعياذ بالله- فهم يتركون العبادة ويشتغلون بالمعصية، فتجد الكثير منهم عكوفا على آلات اللهو، أو ينظرون إلى الأفلام الخليعة، ينظرون إلى الصور الفاتنة التي تبثها تلك القنوات الفضائية، والتي تعرض في الشاشات أمام الناظرين، يختارون أفلاما خليعة يعرضونها في تلك الشاشات أو يتلقون ما تبثه تلك الإذاعات، التي تفسد العقول والأخلاق، تدعو إلى الفساد، تدعو إلى ارتكاب الجرائم والمحرمات، ومع ذلك تفوتهم الخيرات، لا شك أن هؤلاء حرموا أنفسهم فضل الله تعالى ومغفرته، وارتكبوا المحرمات، وهكذا أيضا كثير يقطعون ليلهم على شرب الدخان، وتعاطي المخدرات وشرب المسكرات، وسماع الأغنيات وما إلى ذلك، فجمعوا بين ترك الطاعات وفعل المحرمات.
لا شك أن هذا تفاوت كبير بين المسلمين في هذه الليالي، فالذين يريدون الخير يجدون أبوابه مفتحة، أبواب الجنة قد فتحت، كما قال -صلى الله عليه وسلم - إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار .
فأين المتسابقون؟ أين المسارعون إلى الخيرات عباد الله؟ ألا تنتهز الفرص؟ ألا تغتنم الأوقات الشريفة؟ ألا تغتنم أيام هذا الشهر ولياليه؟ نستغلها فيما يقربنا إلى الله، بما يسبب لنا مغفرة الذنوب والعتق من النار كما كان سلفنا الصالح، وحال قدوتنا نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم -.

اللهم ارحمنا برحمتك التي وسعت كل شيء، نحن المذنبون وأنت الغفور، نحن الفقراء وأنت الغني، نحن عبادك وأنت مالكنا، أنت ربنا وخالقنا، أنت الذي تكفلت بأرزاقنا، أنت الذي تكفلت بأقواتنا. اللهم لا تمنع بذنوبنا فضلك، اللهم اغفر ذنوبنا، وكفر عنا سيئاتنا، وارحمنا برحمتك التي وسعت كل شيء، لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.