إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا logo لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
shape
خطبة الجمعة مع الإجابة على الأسئلة
8341 مشاهدة print word pdf
line-top
ابتلاء الله تعالى عباده

الحمد لله معز من أطاعه واتقاه، ومذل من خالف أمره وعصاه، غافر الذنب لمن تاب إليه واتقاه، شديد العقاب على من تولى عن أمره وارتكب ما نهاه. أحمده سبحانه على ما أسداه من الإنعام وأعطاه، وأشكره على حلو عطائه ومر بلواه، وأشهد ألا إله إلا الله ولا رب لنا سواه ولا نعبد إلا إياه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي اختاره من عباده واصطفاه، فصلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه واتبع هداه، وعلى أتباعهم الذين يغضبون لغضبه ويرضون لرضاه، وسلم تسليما كثيرا، أما بعد.
عباد الله، اتقوا الله تعالى حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، وتقوى الله حق تقاته أن يطاع فلا يعصى، وأن يذكر فلا ينسى، وأن يشكر فلا يكفر. واعلموا عباد الله أن ربنا سبحانه ابتلى عباده في هذه الدنيا حتى يظهر من يخافه ويتقيه؛ فابتلاهم بالأعداء الذين يزينون لهم العصيان ويصدونهم عن العبادة؛ فابتلاهم بالشيطان الرجيم.
وابتلاهم بالنفس الأمارة بالسوء، وابتلاهم بالهوى الذي يعمي ويصم، وابتلاهم بالدنيا وزينتها، وابتلاهم بقرناء السوء الذين يدعون إلى الهوى ويصدون عن الهدى. فهذه من أنواع الابتلاء الدين. وكذلك أيضا يبتليهم بالمصائب كما أخبر بذلك، يبتليهم بالمصائب ويبتليهم بالأعداء، ويبتليهم بالعقوبات، قال الله تعالى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ هكذا أخبر تعالى أنه يبتليهم في الدنيا.
وورد أيضا في حديث قدسي أن الله يقول في عباده: خيري إليهم نازل، وشرهم إلي صاعد، إن تابوا فأنا حبيبهم، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم، أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من المعائب. أنا والجن والإنس في نبأ عظيم ! أخلق ويعبد غيري، وأرزق ويشكر سواي هكذا ورد. ولا شك أن هذا عتاب من الله سبحانه على عباده الذين أعرضوا عنه، والذين لم يعبدوه حق عبادته، والذين اتبعوا أهواءهم -يخبر بأنه يبتليهم حتى يظهر من يشكر ومن يكفر؛ حتى يعلم علم وضوح من يطيع ربه ويتقيه ومن يخالف أمره ويعصيه.
ولقد أخبر سبحانه وتعالى بأنه يبتليهم، قال لأجل ذنوبهم ولأجل المعاصي التي يعترفون بها، فيقول الله تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ أخبر تعالى بأن كل المصائب التي تحدث في هذه الدنيا فإنها بسبب الذنوب، وأن الله تعالى يعفو عن كثير من الخطايا ومن السيئات، وإلا فلو يؤاخذهم بذنوبهم لأهلكهم، كما قال الله تعالى: وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا .

line-bottom