لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
خطبة الجمعة بالجامع الكبير
6979 مشاهدة
تذكرة بالآخرة

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ الداعي لرضوانه، الهادي إلى إحسانه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأعوانه وسلم تسليما كثيرا. أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله تعالى حق التقوى، واستمسكوا بلا إله إلا الله؛ فإنها العروة الوثقى، واحذروا المعاصي، واحذروا أسباب سخط الجبار؛ فإن أجسامكم على النار لا تقوى، وتواضعوا لله؛ فإن من تواضع لله رفعه، ومن تكبر على الله وضعه، ومن زرع التقوى حمد عند الحصاد ما زرعه.
واعلموا أن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وعليكم بجماعة المسلمين؛ فإن يد الله مع جماعة المسلمين، ومن شذ عنهم شذ في النار.
واعلموا رحمكم الله أن الدنيا دار ممر، وأن الآخرة هي دار المقر ؛ فتزودوا من ممركم لمقركم، وتأهبوا ليوم حسابكم وعرضكم على ربكم، يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ واعلموا أنكم غدا بين يدي الله موقوفون، وبأعمالكم مجزيون، وعن أفعالكم محاسبون، وعلى تفريطكم وإهمالكم نادمون، وعلى رب العزة ستعرضون: وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ .
واعلموا أن ملك الموت قد تخطاكم إلى غيركم وسوف يتخطى غيركم إليكم؛ فخذوا حذركم. فالموت مآل الإنسان ونهايته، وليس له إلا ما قدم من الأعمال الصالحة التي يجد ثوابها موفرا، ويجده مضاعفا عند الله سبحانه وتعالى: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ .
ففي نهاية هذه الدنيا ينتقل الإنسان من حياته؛ يتبدل حياته بالموت، ويحشر إلى الآخرة فقيرا ذليلا؛ لا يؤنسه إلا عمله. إذا مات الإنسان تقول الملائكة: ماذا قدم لآخرته، ويقول بنو آدم: ماذا أخر؟ أي: ماذا أخر من المال؟ فيهتم بنو آدم الأحياء بتركته.
وأما الملائكة فإنهم يسألون عن أعماله الصالحة التي قدمها؛ من الصلوات، ومن الصدقات، ومن الصيام، ومن الصلة، ومن البر، ومن الأعمال الخيرية، ومن الحسنات الماحية؛ فهي التي يسر بها في الآخرة، ويبيض بها وجهه، ويفرح عندما يلقى حسناته مضاعفة أضعافا كثيرة؛ فيكون ذلك من أسباب سعادته، وإلا فإنه يحشر شقيا، طريدا بعيدا حيث إنه جعل همه في شهواته الدنيوية، وأكب على الدنيا، وعظم شأنها، واهتم بجمعها، ولم يبال ماذا جمع من حل أو من حرمة؟ فإذا جاء الآخرة وإذا ليس له عند الله حسنة، حسنته قد تمتع بها في الدنيا، وقد أعطيها على ما قدم كما قال الله تعالى للكفار: أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ .