إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
الحسد
17740 مشاهدة
الفرق بين العائن والحاسد

قال ابن القيم في بدائع الفوائد:
العائن والحاسد يشتركان في شيء، ويفترقان في شيء، فيشتركان في أن كلا منهما تتكيف نفسه، و تتوجه نحو من يريد أذاه، فالعائن، تتكيف نفسه عند مقابلة المعين ومعاينته،
والحاسد: يحصل له ذلك عند غيبة المحسود وحضوره، ويفترقان في أن العائن قد يصيب من لا يحسده: من جماد، أو حيوان، أو زرع أو مال، وإن كان لا يكاد ينفك من حسد صاحبه، وربما أصابت عينه نفسه، فإن رؤيته للشيء رؤية تعجب وتحديق ، فمع تكيف نفسه بتلك الكيفية تؤثر في المعين. ا.هـ.
فالحاصل أن الحاسد هو: الذي يهمه ما يرى في إخوانه المسلمين من النعمة والخير ، والصحة والمنزلة الراقية فيحقد عليهم، ويغتم لذلك، ثم يسعى في زوالها، ويبذل ما في وسعه من وشاية وكذب، وافتراء عليه، ويؤلب عليه من له سلطة أو ولاية، حتى تزول تلك النعمة التي يتمتع بها أخوه، وليس هناك دافع له على إزالتها سوى الحقد والبغض، فلا يقر قراره حتى يتلف المال، أو يفتقر الرجل، أو يمرض ، أو يُحرم من حرفته أو عمله.
أما العائن فهو: إنسان قد تكيفت نفسه بالخبث والشر، فأصبحت تمتد إلى ما يلفت النظر، و ترسل إليها ما يحطمها ويغيرها، فيسقط الطائر من الهواء، ويعطب الوحش البري، بمجرد كلمته ونظرته السامة، فقد ذكر ابن القيم رحمه الله أن منهم من تمر به الناقة أو البقرة السمينة فيعينها، ثم يقول لخادمه: خذ المكتل والدرهم، وآتنا بشيء من لحمها، فما تبرح حتى تقع فتنحر.
وقال الكلبي كان رجل من العرب يمكث يومين أو ثلاثة، لا يأكل ثم يرفع جانب خبائه فتمر به الإبل فيقول: لم أر كاليوم إبلا ولا غنمًا أحسن من هذه. فما تذهب إلا قليلا حتى يسقط منها طائفة.
وقد حكى بعض الإخوان أن منهم من يريد السفر على الطائرة أو الحافلة فيعينها، فتتوقف حتى يتفرغ فيأتي ويتكلم بما يبطل ما بها فتصلح مع بذل العمال ما يستطيعون في إصلاحها ، والحكايات عن أهل العين كثيرة مشهورة.
ومع ذلك قد أنكرها بعض المشايخ الكبار بسبب أنهم لا يعلمون لها سببًا مباشرًا، وذلك لجهلهم بتأثير الأرواح وما تختلف به عن الأجساد، كما أشار إلى ذلك ابن القيم رحمه الله تعالى في (البدائع) وغيره.