الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
التعليقات الزكية على العقيدة الواسطية الجزء الأول
39385 مشاهدة
17- إثبات صفة العزة لله تعالى

[وقوله: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ [المنافقون: 8]. وقوله عن إبليس: قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ [ص: 82]. ].


الشرح
* قوله: (وقوله: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ).
في هذه الآيات التي ساقها المؤلف -رحمه الله- إثبات صفة العزة لله عز وجل.
*الآية الأولى: قوله: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ رد على المنافق الذي قال: لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ فرد الله عليه بقوله: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ .
العزة: الغلبة والقوة والمنعة، وكمال القدرة، فأخبر الله -سبحانه- بأن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، هو العزيز الذي يعز رسله، وهو الذي ينصرهم، وهو الذي يعز عباده المؤمنين، وهو الذي يقويهم، فالعزة صفة ذاتية له؛ لأنها من الصفات الملازمة للموصوف.
* الآية الثانية: حكى الله عن إبليس في سورة ص أنه أقسم بالعزة، فقال: فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ دل على أن الله موصوف بالعزة، وذكر أن أسماء الله تدل على صفاته، وقد تكرر اسم العزيز في القرآن، في مثل قوله سبحانه: وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [آل عمران: 62]. إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [العنكبوت: 26]. وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [إبراهيم: 4]. فسمى الله نفسه العزيز في هذه الآيات، وكذلك ذكره بلفظ الفعل في قوله: وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ [آل عمران: 26]. وكذلك بلفظ اسم الفعل كما في هذه الآية: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ .
ويدل هذا أيضا على جواز الحلف بصفات الله؛ لأن الحلف بها حلف بالمتصف بها، ويجوز أن تسأل الله بصفته، فتقول: أسألك بعزتك التي لا ترام، ويجوز أن تحلف بها، فتقول: وعزة ربي كذا وكذا.
ولا يجوز الحلف بعزة المخلوق، فإن ذلك تعظيم لذلك المخلوق، كما حلف سحرة فرعون لما فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ [الشعراء: 44]. فأقسموا بعزته، فهذا تعظيم لذلك المخلوق.
مسألة: بعض العوام يحلف فيقول: ورب العزة فهل هذا يجوز؟
الجواب: يجوز ذلك لأن الله قد أثبت ذلك، فقال تعالى: سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ [الصافات: 180]. فيجوز أن تجعل العزة صفة لله، وهي مشتقة من اسمه العزيز، ويجوز أن تضيفها إلى ربوبية الله، فتقول: رب العزة يعني: مالك القوة، والقدرة والاستطاعة كلها مربوبة لله، كما قال تعالى: رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ [الصافات: 180]. فإذا قلت: وعزة الله، فيكون مرادك الصفة التي هي من صفاته، فعزة الله يعني: صفة العزة التي له.
وإذا قلت: ورب العزة فيكون مرادك ما خلقه من العزة في المخلوقات ونحوها.