إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. logo الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
shape
حول أركان الصلاة (لقاء مفتوح)
12797 مشاهدة print word pdf
line-top
من أركان الصلاة: القيام

فأولها: القيام في الصلاة، وذلك لأن الله أمر به قال تعالى: وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ فالقيام كون الإنسان يصلي وهو قائم؛ يسقط هذا القيام مع العجز، فإذا كان الإنسان المصلي كبير السن، أو مريضا صلى وهو قاعد سقط عنه القيام؛ وذلك لأنه عجز عن الإتيان به، فأصبح ركنه هو أن يصلي وهو جالس، ودليله قول الله -تعالى- وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ أي: في عباداتكم بعد ما أمر بالصلاة حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ وكذلك قال -تعالى- وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا أي: وهم قائمون؛ يسجدون ويقومون يعني: يتقلبون بين السجود والقيام وكذلك قال -تعالى- أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا .
وثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أسقط القيام عن العاجز؛ فقال لعمران صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب فمن صلى جالسا وهو قادر على القيام لم تقبل صلاته؛ حيث أنه ترك منها ركنا، فإذا شق عليه القيام، وصلى وهو جالس، ولكن قيل: إنه يجلس متربعا، فإذا أراد الركوع والسجود افترش، وقيل: إنه يجلس مفترشا كما يجلس بين السجدتين، وكجلوسه للتشهد؛ يفرش رجله اليسرى يجلس عليها وينصب اليمنى، ولعله جائز جلوسه مفترشا، أو جلوسه متربعا.
ثم إذا عجز صلى وهو على جنبه؛ يختار أن يكون على جنبه الأيمن، ووجهه إلى القبلة، فإن شق عليه صلى على جنبه الأيسر، ووجهه إلى القبلة، فإن شق عليه صلى على ظهره مستلقيا، ورجلاه إلى القبلة، ويرفع وجهه؛ يرفع رأسه ووجهه إلى أن يكون وجهه مستقبل القبلة؛ لأن قول الله -تعالى- فَوَلِّ وَجْهَكَ يعني: استقبل بوجهك شطر المسجد الحرام ولا تسقط الصلاة عن المريض ما دام يعقل؛ إذا كان عقله معه ما سقطت عنه الصلاة، ولو كان يتألم؛ معه ألم شديد ووجع ما تسقط عنه الصلاة. يصلي بالنية بحسب القدرة؛ فيصلي ولو لم يتحرك منه إلا رأسه، فإن عجز عن حركة رأسه، فإنه يحرك طرفه، يحرك عينيه عند الركوع، وعند السجود، ويحرك يديه؛ حتى يؤدي الصلاة، ولو كان في ألم شديد؛ مرافقه إذا كان في المستشفى يذكّره، يقول: دخل وقت الظهر؛ يأمره أن يصليها، ثم إذا دخل عليه الوقت الثاني قال: دخل وقت العصر.
إذا عجز عن الطهارة فإنه يتيمم، فيجعل عنده تراب يتيمم به؛ إن قدر على أنه يضرب بيديه التراب، ويمسح وجهه، ويمسح كفيه، وإن عجز فرفيقه يُيَمِّمُه؛ تضرب أيها المرافق أي: بيديك التراب، ثم تمسح بهما وجهه وكفيه، ثم تأمره بأن يصلي بالنية؛ أي بمجرد النية التي يقدر عليها، وأية حركة يستطيعها، أية حركة يقدر عليها.
إن قدر على أن يصلي جالسا فإنه إذا أراد الركوع يحني ظهره، ثم يرفع ويقول سمع الله لمن حمده، إذا أراد السجود إن قدر على أن يسجد على وجهه، وإلا حنى ظهره، ويجعل السجود أخفض من الركوع، ينحني للسجود أكثر من انحنائه للركوع.
أما إذا صلى على جنبه، أو على ظهره، فتكون حركته للقيام وللركوع وللسجود بقدر ما يستطيع، يعني: يتحرك حركة ولو مثلا بتحريك رأسه؛ علامة على أنه انتقل من حال إلى حال، من قيام إلى ركوع، ومن ركوع إلى قيام؛ من قيام إلى سجود، من سجود إلى قيام إلى قعود وهكذا.
فالله تعالى أمر بهذه الصلاة العباد، وأسقطها عن فاقد العقل؛ أما الإنسان الذي عقله معه فإنه يحافظ عليها، ولا يتركها.

line-bottom