الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك logo تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
shape
الرد على ابن حزم
11999 مشاهدة print word pdf
line-top
ابن حزم يذم القياس والمجتهدين

واعلم أن العلماء في هذا المحل يعيبون القياس، ويذمون الرأي، ويقولون: إن من قاس فقد اتبع إبليس؛ لأنه أول ما رد النصوص بالقياس، وعن ابن سيرين -رحمه الله- ما وجدت .. إلا بالقياس، ويكثر في كلام السلف ذم الرأي والقياس.
ومن أشنع من يحمل على المجتهدين في القياس الظاهرية وبالأخص أبو محمد ابن حزم -عفا الله عنا وعنه- فإنه حمل على أئمة الهدى -رحمهم الله- وشنع عليهم تشنيعا عظيما، وسخر منهم سخرية لا تليق به ولا بهم، وجزم بأن كل من اجتهد بشيء لم يكن منصوصا في كتاب الله أو سنة نبيه بأنه ضال، وأنه مشرع.
وحمل على الأئمة، وسخر من قياساتهم، وجاء بقياسات كثيرة للأئمة، وسفهها، وسخر من أهلها، فتارة يسخر من أبي حنيفة -رحمه الله- وتارة من مالك وتارة من أحمد وتارة من الشافعي .
لم يسلم منه أحد منهم في قياساتهم.
ومن عرف الحق عرف الأئمة -رحمهم الله- أنهم أولى بالصواب من ابن حزم وأن ما شنع عليهم فهم أولى بالصواب منه، وأنه هو حمل عليهم وهم أولى بالخير منه، وأعلم بالدين منه، وأعمق فهما لنصوص الكتاب والسنة منه.
وهذا باب كثير فابن حزم يقول: لا يجوز اجتهاد كائن ما كان، ولا يجوز أن يتكلم في حكم إلا تبعا لنص من كتاب أو سنة.
أما من دعا بشيء لم يكن منصوصا في الكتاب ولا السنة فهو مشرع ضال، ويزعم أن ما ألحقه الأئمة من الأحكام المسكوت عنها، واستنبطوها من المنطوقات أن كل ذلك ضلال، ويستدل بعشرات الآيات إن لم تكن مئات الآيات فلا أقل من عشرات الآيات يقول الله قال: اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ والمقاييس لم تنزل علينا من ربنا.
ويقول: قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي فجعل الهدى بخصوص الوحي لا بخصوص المقاييس.
ويقول: وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ والمقاييس لم تكن مما أنزل الله، ويقول: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ والقياس لم يكن مما أنزل الله.
ويأتي بنحو الآيات من هذا بشيء كثير جدا، ويقول: إن القياس لا يفيد إلا الظن، والله يقول: إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا .
وفي الحديث: إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ويقول: إن كل ما لم يأت في نص من كتاب أو سنة لا يجوز البحث عنه ذلك أن الله حرم أشياء، وأحل أشياء، وسكت عن أشياء لا نسيانا رحمة بكم فلا تسألوا عنها ، وفي حديث: ما سكت الله عنه فهو عفو .
ويقول: إن ما لم يأت في كتاب ولا سنة فالبحث عنه حرام، وهو معفو لا مؤاخذة فيه... كما قال: فنحن مثلا وجب علينا صوم شهر واحد من السنة وهو رمضان، وسكت الوحي عن إيجاب شهر آخر فلم يجب علينا إلا هذا؛ لأن ما سكت عنه فهو عفو.
ووجبت علينا الصلوات، وغيرها لم يكن علينا، وإن كان النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث ضمام بن ثعلبة قال: لا، لما طالبه الأعرابي ضمام هل علي غيرها؟ قال: لا إلا أن تطوع أما إنها توجد أشياء لا يمكن أن تكون عفوا، ولا بد من النظر فيها والاجتهاد.

line-bottom