إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) logo تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
shape
التعليقات الزكية على العقيدة الواسطية الجزء الأول
64206 مشاهدة print word pdf
line-top
17- إثبات صفة العزة لله تعالى

[وقوله: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ [المنافقون: 8]. وقوله عن إبليس: قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ [ص: 82]. ].


الشرح
* قوله: (وقوله: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ).
في هذه الآيات التي ساقها المؤلف -رحمه الله- إثبات صفة العزة لله عز وجل.
*الآية الأولى: قوله: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ رد على المنافق الذي قال: لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ فرد الله عليه بقوله: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ .
العزة: الغلبة والقوة والمنعة، وكمال القدرة، فأخبر الله -سبحانه- بأن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، هو العزيز الذي يعز رسله، وهو الذي ينصرهم، وهو الذي يعز عباده المؤمنين، وهو الذي يقويهم، فالعزة صفة ذاتية له؛ لأنها من الصفات الملازمة للموصوف.
* الآية الثانية: حكى الله عن إبليس في سورة ص أنه أقسم بالعزة، فقال: فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ دل على أن الله موصوف بالعزة، وذكر أن أسماء الله تدل على صفاته، وقد تكرر اسم العزيز في القرآن، في مثل قوله سبحانه: وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [آل عمران: 62]. إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [العنكبوت: 26]. وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [إبراهيم: 4]. فسمى الله نفسه العزيز في هذه الآيات، وكذلك ذكره بلفظ الفعل في قوله: وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ [آل عمران: 26]. وكذلك بلفظ اسم الفعل كما في هذه الآية: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ .
ويدل هذا أيضا على جواز الحلف بصفات الله؛ لأن الحلف بها حلف بالمتصف بها، ويجوز أن تسأل الله بصفته، فتقول: أسألك بعزتك التي لا ترام، ويجوز أن تحلف بها، فتقول: وعزة ربي كذا وكذا.
ولا يجوز الحلف بعزة المخلوق، فإن ذلك تعظيم لذلك المخلوق، كما حلف سحرة فرعون لما فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ [الشعراء: 44]. فأقسموا بعزته، فهذا تعظيم لذلك المخلوق.
مسألة: بعض العوام يحلف فيقول: ورب العزة فهل هذا يجوز؟
الجواب: يجوز ذلك لأن الله قد أثبت ذلك، فقال تعالى: سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ [الصافات: 180]. فيجوز أن تجعل العزة صفة لله، وهي مشتقة من اسمه العزيز، ويجوز أن تضيفها إلى ربوبية الله، فتقول: رب العزة يعني: مالك القوة، والقدرة والاستطاعة كلها مربوبة لله، كما قال تعالى: رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ [الصافات: 180]. فإذا قلت: وعزة الله، فيكون مرادك الصفة التي هي من صفاته، فعزة الله يعني: صفة العزة التي له.
وإذا قلت: ورب العزة فيكون مرادك ما خلقه من العزة في المخلوقات ونحوها.

line-bottom