(يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
محاضرة في مركز التوجيه النسوي
2820 مشاهدة
عدم وجوب صلاة الجماعة على المرأة

بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, وبعد..
فإن شريعة الله تعالى أنزلها لتطهير الْبِلَاد ولتطهير العباد, وهي شريعة مُشْتَمِلَةٌ على المصالح, فيها كل مَصْلَحَةٍ للعباد تَتَعَلَّقُ بالرجال أو تتعلق بالنساء.
فَمَنْ تَقَيَّدَ بها فإنه على سبيل النجاة, ومَنْ خرج عن هذه الشريعة فقد عرض نفسه للهلاك وللتردي؛ فلذلك أحب العلماء أن يُبَيِّنُوا ما تهدف إليه شريعة الإسلام من المصالح العامة, ومن الأشياء التي يفعلها المجتمع ويكون في فعلها صلاحٌ وخيرٌ وفوائدُ عامة في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
ولا شك أَنَّ من جملة ما جاءت به الشريعة ما يتعلق بالنساء, فإن النساء شقائق الرجال وجب عليهن ما يجب على الرجال عادة, فالصلاة التي فرضها الله تعالى مُكَلَّفٌ بها الرجال والنساء, والصيام كذلك والزكاة كذلك والحج كذلك, والعبادات والتوحيد وإخلاص العبادة وترك الْمُحَرَّمَات, كلها مطالب بها الرجال والنساء. ولكن للنساء أيضًا خصائص تُعُبِّدْن بها كانت من آثار أنوثة المرأة, وعدم تَعَرُّضِهَا للفساد أو لما يفسدها.
فاختصت المرأة بأنه لا تجب عليها صلاة الجماعة, ورد أنه صلى الله عليه وسلم قال: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله, وبيوتهن خَيْرٌ لهن لما أُمِرْنَ بالصلاة جُعلت صلاة المرأة في بيتها خيرًا لها. ورد أنه عليه السلام قال: صلاة المرأة في مسجد قومها أفضل من صلاتها في المسجد الجامع -أو في المسجد الكبير- وصلاتها في ساحة بيتها أفضل من صلاتها في مسجد قومها, وصلاتها في حجرتها أفضل من صلاتها في ساحة بيتها كانت الصحابية التي روت ذلك تَعْمِدُ إذا أرادت أن تصلي فتختار أظلم مكان في بيتها, وتصلي فيه حرصًا منها على التستر.
كذلك لما رَخَّصَ لهن في الصلاة في المساجد, قال: وليخرجن تَفِلَاتٍ ؛ يعني شعثات لا يتجملن ولا يتطيبن. كل ذلك حرصٌ على صيانة المرأة وعدم تعرضها للفتنة بها؛ أن تفتتن, أو يُفْتَتَن بها. إذا خرجت إلى المسجد فإنها تخرج محتشمة وتخرج أيضًا تفلةً, لا تلبس ثياب شهرة ولا ثياب زينة ولا جمال, ولا تبدي شيئًا من زينتها ومما تتجمل به أمام زوجها ونحو ذلك, كل ذلك حرصٌ على صيانتها.
كذلك أيضًا ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر النساء بالمساجد كُنَّ يتحجبن تَحَجُّبًا كاملا, قالت عائشة رضي الله عنها: كان نساء من المؤمنات يشهدن صلاة الفجر مع النبي صلى الله عليه وسلم مُتَلَفِّفَات بمروطهن -أو متلفعات بمروطهن- لا يعرفهن أحد من الْغَلَس ؛ أي لا يعرف بعضهن بعضا, وذلك حرصًا منهن على التستر.
فتخرج المرأة متلففة بثيابها, قد غَطَّتْ جميع بدنها رأسها ووجهها ويديها, وجميع ما يتعلق ببدنها لا يَظْهَرُ شَيْءٌ منه. ثم حدث أن النساء بعد ذلك بعد عهد النبي صلى الله عليه وسلم -أحدثن شيئًا من الزينة أو لباس الشهرة, فقالت عائشة رضي الله عنها: لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء بعده لَمَنَعَهُنَّ المساجد, كما مُنِعَتْ نساء بني إسرائيل مع أنهن يخرجن للعبادة, ولأداء صلاة جماعة, وللاستفادة من الصلاة مع الجماعة، الاستفادة بسماع القرآن, وبتعلم صفة الصلاة وأركانها, وما أشبه ذلك. فكل ذلك تستفيده المرأة من صلاتها مع الجماعة, ومع ذلك إذا أحدثن شيئًا من التبرج أو من إبداء الزينة -فإنهن يُمْنَعْنَ من المساجد؛ حرصًا على صيانتهن, وحرصًا على إبعادهن عن الأخطار, وعن الأشياء التي تضر بالمجتمعات.
لا شك أن هذا كله دليل على حرص الإسلام على صيانة المرأة, والحفاظ عليها.