إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
محاضرة بعنوان شكر النعم (2)
11441 مشاهدة
استخدام الأبدان في طاعة الله تعالى

كذلك أيضا من شكر نعم الله: استعمال هذه الأبدان فيما خلقت له ألا وهو: عبادة الله -سبحانه وتعالى- بكل أنواع العبادة، فإن الواجب علينا أن ندعو الله تعالى، ولا ندعو غيره، بل هو الذي أمرنا بدعائه بقوله: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ كذلك أيضا نستعين به في حالاتنا ونعرف أنه إذا لم يساعدنا، ولم يمدنا بعونه؛ فإننا نعجز عن أن نؤدي عبادته وحده، كذلك أيضا نعتمد عليه، ونتوكل عليه وحده في كل أمورنا، ونعلم أن من توكل على الله فهو حسبه، من توكل عليه كفاه.
وكذلك أيضا نستعيذ به من الشرور؛ لأنه هو ملجأ العباد، وهو الذي ينصرهم ويحميهم من كل شر يحيط بهم؛ وذلك لأن الشرور والأضرار محدقة بالإنسان؛ حيث إنه قد سلطت عليه الأعداء من كل جانب، فإذا لم يحمه ربه ويحفظه؛ اختطفته الأعداء، وأغوته، وأغرقته، فإذا استعان بالله واستعاذ به؛ حفظه وحماه؛ ولأجل ذلك أمرنا بأن نستعيذ بالله دائما من أعدائنا، نكثر من الاستعاذة بالله من كل عدو يكيد لنا.
كذلك أيضا استعمال هذا البدن في طاعة الله تعالى دائما، وذلك مجال واسع ولكن أهم شيء: المحافظة على الصلوات؛ فَرْضها ونَفْلها؛ فإنها شعار الإسلام: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى أي: أديموا عليها، وعد الله المحافظين عليها بالأجر الكبير؛ قال تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ المحافظة عليها في أوقاتها، المحافظة عليها في جماعتها، المحافظة على أركانها وعلى واجباتها، المحافظة على الخشوع فيها، وعلى الخضوع فيها والاستكانة فيها، الاستعانة بها على أمور الدين والدنيا، قال الله تعالى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ أي: أن هذه الصلاة ثقيلة، ولكن خفيفة على الخاشعين، الخاشعون هم المخبتون، فإذا كانت الصلاة سهلة وخفيفة عليك ومحبوبة؛ فهنيئا لك أنك من الخاشعين، وأما إذا كانت ثقيلة لا تأتيها إلا وأنت كَسِل، ولا تأتيها إلا وأنت متثاقل؛ فإن ذلك علامة عدم الخشوع -والعياذ بالله-.
كذلك أيضا نتواصى بالإكثار من جنس هذه الصلاة، جنسها يعني: النوافل، أنت -مثلا- عندك فراغ، وإذا كان عندك هذا الفراغ؛ فإن عليك أن تجعل لنفسك وقتا تشتغل فيه بهذه العبادة، فوقت الضحى -مثلا- في الساعة العاشرة والحادية عشرة استغل هذا الوقت؛ تطهر وصل فيه ركعتين أو تسليمتين أو ثلاثا أو أربعا؛ تتزود من هذا الخير؛ فهي عبادة يحبها الله، ويحب المكثرين منها، الذين تكون هذه الصلاة قرة أعينهم وسرورهم وبهجتهم، كان النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة يمتثل قوله: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ؛ يجعل الصلاة مفزعا له عندما يأتيه ما يهمه أو ما يحزنه، إذا دخل في الصلاة وجد الراحة ووجد الطمأنينة؛ فعلينا أن نقتدي به في ذلك.