اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
كلمة مع فتاوى وأجوبة السائلين
2006 مشاهدة
كلمة مع فتاوى وأجوبة السائلين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد؛ ذكرنا أن التعلم والحرص على الاستفادة من الواجبات على العموم، وفائدة ذلك عبادة الله تعالى على بصيرة، ومعرفة ما يجب على المسلم فيفعله، وما يحرم عليه فيتركه.
وقد وفق الله تعالى من عهد الصحابة إلى يومنا هذا من يقوم بالتعليم وبالإجابات على الأسئلة التي تقع للأفراد والجماعات، فكان من الصحابة رضي الله عنهم من يحمل العلم ويحفظه، ومنهم من يستنبط منه ويستدل به على الوقائع وإن لم يكن يحفظه، ومنهم من يحفظه ويستنبط منه فيجمع بين الأمرين.
وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلا لهؤلاء بالأرض، إذا نزل المطر عليها انقسمت أربعة أقسام: قسم تمسك الماء وتنبت الكلأ والعشب الكثير؛ فيرعون دوابهم من النبات ويسقونها من الماء، سواء كان الماء على ظهرها في المستنقعات أو في جوفها كالمياه الجوفية؛ فهؤلاء مثلهم كمثل الذين يحفظون الأحاديث والآيات، ويستنبطون الأحكام منها، فيستفاد منهم من جهتين: حفظ النصوص ومعرفة معانيها، وتطبيقها على وقائع الناس.
والقسم الثاني: الحفَّاظ فقط، الذين ليس لهم معرفة باستنباط الأحكام ولا بالاستدلال بها، قيضهم الله تعالى للحفظ؛ فمثلهم كمثل الأرض التي لا نبات فيها، ولكن فيها مياه، إذا نزل المطر عليها حفظته؛ إما في جوفها وإلا على ظهرها فيسقون الناس منها، ويزرعون ويسقون دوابهم. والقسم الثالث: الأرض التي لا تمسك الماء لا في جوفها ولا على ظهرها، ولكنها أرض طيبة تنبت النباتات المختلفة الزهور والطعوم والألوان والروائح. يجد الناس فيها مرعى خصبا؛ فهؤلاء مثلهم كمثل الذين يستنبطون الأحكام يستدلون عليها بالأدلة، وإن لم يكونوا يحفظون الأدلة.
فأما القسم الرابع: فهم المعرضون الذين لا يستفاد منهم؛ لا يحفظون ولا يفهمون؛ فهم مثل الأرض السبخة التي لا تنبت ولا تمسك الماء. الحديث في الصحيح عن أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا فكان منها طائفة طيبة قبلت الماء وأنبتت الكلأ والعشب الكثير وكان منها أجادب أمسكت الماء؛ فسقى الناس وزرعوا، وأصابت طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله، ونفعه ما بعثني الله به من الهدى فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به .
فيحرص المؤمن على أن يكون من الذين ينفعون وينفع الله بهم.