قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
شرح كتاب مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد
25406 مشاهدة
أقسام البدع وبيان خطورتها

البدع العملية: مثل بدعة إحياء أول ليلة من رجب بصلاة يسمونها صلاة الرغائب بدعة عملية، ولكن شددوا فيها، وكبدعة إحياء ليلة النصف من شعبان؛ لأن الأحاديث فيها مكذوبة، وكبدعة إحياء ليلة اثنتي عشرة من ربيع الأول، ويسمونها ليلة المولد، فهذه بدع عملية البدع.
البدع الاعتقادية لا تخرج من الملة مثل بدعة المرجئة؛ لأنهم يسهلون في المعاصي، ويخرجون الأعمال من مسمى الإيمان، ومثل بدعة الجبر، وبدعة الخوارج: الذين يكفرون بالمعاصي، وهذه البدع لا تخرج من الملة.
ومع ذلك يقول: لكنهم شددوا في ذلك، وحذَّروا منه لأمرين:
الأمر الأول: غلظ البدعة في الدين في نفسها؛ أن البدعة مغلظ فيها لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار فهي عندهم أجلّ من الكبائر -من كبائر الذنوب؛ وذلك لأن كبائر الذنوب يعترف أهلها: بأنهم عصاة. الذي يقع في الزنا، أو السرقة، أو سماع الأغاني، يعترف بأنه مخطي.
وكذلك المعاصي: كحلق اللحى، وإسبال اللباس، وشرب الدخان، وشرب الخمر، يعترفون بأنهم مذنبون.
ولكن المبتدعة ما يعترفون، يقولون: نحن على صواب، ويعيبون غيرهم، ويحذرون من غيرهم؛ فيكون هؤلاء شرًّا من أهل الكبائر. هذا معنى غلظ البدعة، وأنها عندهم أجل وأكبر من كبائر الذنوب، يعاملون أهلها بأغلظ مما يعاملون به أهل الكبائر؛ يعني: بعض الكبائر قد يقتل صاحبه كالزاني محصن يرجم، ومع ذلك القول في أهل الكبائر أخف من القول في أهل البدع.
يقول: كما تجد في قلوب الناس أن الرافضي عندهم ولو كان عاملا، ولو كان عابدا أبغض، وأشد ذنبا من السني المجاهر بالكبائر. السني المجاهر بالكبائر؛ يعني يسمع الغناء أو يزني أو يحلق لحيته -يعترف بأنه على خطأ، ويدعو ربه أنه يتوب ويعيب نفسه.
وأما الرافضي وكذا الإباضي والبعثي والعلماني والإسماعيلي ونحوهم من المبتدعة فإنهم يجادلون في بدعتهم، ويقولون: الصواب معنا، ويضللون أهل السنة، ويحذرون من معتقد أهل السنة.
الأمر الثاني: أن البدع تجر إلى الكفر، وإلى الردة الصريحة، فالبدع يقولون: إنها بريد الكفر؛ يعني مقدمة -بين أو- قبل الكفر، بل هي تجر إلى الردة الصريحة التي هي الانحلال من الدِّين، كما وجد من كثير من أهل البدع.
ثم ذكر يقول: فمثال البدع التي شددوا فيها، تشديد النبي -صلى الله عليه وسلم - فيمن عَبَدَ الله عند قبر رجل صالح؛ لأن هذا من البدع؛ كونه مثلا يأتي إلى قبر رجل صالح، ويتعبد عنده؛ يفضل القراءة عنده والصلاة عنده والدعاء عنده على المساجد لماذا؟ يجر إلى الشرك ويخدع غيره، وفي النهاية يُشرك بالله، يقع في الشرك وهو لا يشعر، ويستحسن الشرك؛ فيدعو ذلك الميت: يا سيدي فلان ارحمني وعافني انصرني.
أليس هذا هو الشرك؟ فالنبي -صلى الله عليه وسلم- شدد بقوله: ألا فلا تتخذوا القبور مساجد -يعني مواضع للصلاة تصلون عندها- فإني أنهاكم عن ذلك .
وكذلك قوله: إنهم -في النصارى - إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا، وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله فهذا تشديده شرار الخلق؛ لأنهم يعظمون قبور الصالحين؛ خوفًا مما وقع من الشرك الصريح الذي يصير به المسلم مرتدًّا.
يقول: فأين الفرق بين البدع، وبين ما نحن فيه: من الكلام في الردة، ومجاهدة أهلها، أو النفاق الأكبر ومجاهدة أهله؟ عرف القول الصحيح، يقول: هذا هو الذي نزلت فيه الآيات المحكمات، مثل قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ يعني: من ارتد عن دينه فإن الله تعالى سيسخر من يقاتله، ويأخذ الثأر منه، كما حصل في الذين ارتدوا بعد موت النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وكذلك قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ جهادهم يكون بقتالهم أو بسجنهم أو بتفريقهم أو نحو ذلك، وكذا قول الله تعالى: يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وهذا في قوم سخروا بالمؤمنين؛ فجعل الله تلك السخرية كلمة الكفر، وجعلهم قد كفروا، ففي ذلك تحذير من مثل هذه السخرية.