لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
شرح كتاب النكاح من صحيح البخاري
46256 مشاهدة
باب: نكاح الأبكار

باب نكاح الأبكار.
وقال ابن أبي مليكة قال ابن عباس لعائشة لم ينكح النبي -صلى الله عليه وسلم- بكرا غيرك .
قال أبو عبد الله حدثنا إسماعيل بن عبد الله قال: حدثني أخي عن سليمان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله تعالى أنها قالت: قلت يا رسول الله! أرأيت لو نزلت واديا وفيه شجرة قد أكل منها ووجدت شجرا لم يؤكل منها في أيها كنت ترتع بعيرك، قال: في التي لم يرتع منها تعني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يتزوج بكرا غيرها .
قال أبو عبد الله حدثنا عبيد بن إسماعيل قال: حدثنا أبو أسامة عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أريتك في المنام مرتين إذا رجل يحملك في سرقة حرير فيقول: هذه امرأتك فأكشفها فإذا هي أنتِ، فأقول: إن يكن هذا من عند الله يمضه .


ورد في هذا الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يتزوج بكرا إلا عائشة كان تزوج عشر نساء كلهن ثيبات منهن خديجة ماتت عنده، وكذلك الباقيات كلهن بقين عنده إلا من مات منهن، فالحاصل أنه ما تزوج إلا عائشة بكرا، ولا شك أن ذلك دليل على أنه لم يكن غرضه بالتزوج مجرد الشهوة، ولكن له أهداف وله أغراض أخرى؛ خلاف لما يعيبه به أعداء الله الذين يقولون: إنه رجل شهواني، وإنه ليس له طلب إلا نكاح النساء، ولذلك أكثر منهن.
فالحاصل أنه نكح عائشة وهي بكر وكانت تفتخر بذلك، ذكر في هذا الحديث أنها ضربت مثلا قالت: أرأيت لو أتيت إلى شجر قد أُكل منه -قد رتعت فيه الإبل والدواب- وشجرة لم يؤكل منها؛ في أيها ترتع بعيرك؟ فقال: في التي لم يؤكل منها؛ يعني التي يكون زهرها، ويكون ورقها متوفرا كثيرا.
وهذا تريد به أنها هي التي لم يمسها أحد قبله، ولا شك أن هذا يدل على فضلها، والله تعالى اختارها له لما يدخره لها وللمؤمنين من الخير الكثير.
ذكر في هذا الحديث أنه -صلى الله عليه وسلم- أريها في المنام مرتين قبل أن يتزوجها، يقول: إنها عرضت عليه وعليها سرقة من حرير؛ يعني قد تحجبت بها، فيقال هذه امرأتك فيكشف فإذا هي يعرفها، ويقول: إن يريد الله شيئا يمضه، إذا قدر الله شيئا فإنه سيقع، فقدر الله تعالى أنها كانت زوجته، وكانت من أحب زوجاته إليه.
أولا: أنها بنت أبي بكر بنت الصديق الذي هو صديق النبي -صلى الله عليه وسلم- والذي هو أول مَن آمن به مِن الرجال، والذي واساه بنفسه وواساه بماله فأحبها لمحبة أبيها.
وثانيا: أنها رأى فيها الأهلية، رأى فيها المودة والمحبة والخدمة والتواضع.
وثالثا: أنها ذات معرفة وعلم، حفظت الكثير من السنة، حفظت علما كثيرا، كانت ممن رزقها الله تعالى العلم والفهم والإدراك والحفظ القوي والذاكرة؛ بحيث إن أكابر الصحابة وأصاغرهم يرجعون إليها عند الاختلاف ويرضون بما تقوله إذا اختلفوا في حديث وجدوه عندها، روته لهم كما كان دون أن تغير لفظه؛ لا شك أن هذا مما ادخره الله تعالى لنبيه -صلى الله عليه وسلم-.
ومع ذلك فإنها كما ذكر هي البكر التي تزوجها دون غيرها، فيحبها لهذه الأسباب كلها، ولما مرض أخذ يسأل: أين أنا غدا؟ فرخص له زوجاته أن يجلس حيث أحب، فاختار أن يمرض في بيت عائشة وتقول عائشة مات في اليوم الذي يدور علي فيه، وتقول أيضا: إن الله جمع بين ريقي وريقه في آخر حياته، وأنه مات بين حاقنتي وذاقنتي، الذاقنة: الذقن الذي هو أسفل الوجه، والحاقنة: التي هي الترقوة التي هي العظم المتصل بالمنكب؛ كأنها كانت قد أسندته إلى صدرها، ولها فضائل كثيرة معروفة في كتب الفضائل.