إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
شرح القواعد الأربعة
24863 مشاهدة
عبادة الملائكة من دون الله

...............................................................................


الحاصل: أن النبي صلى الله عليه وسلم سمى أولئك المشركين كلهم مشركين، لأنهم يعبدون معبودات متفرقة، ولم يستثن الذين يعبدون الملائكة، فذكر الله تعالى أنهم يعبدون الملائكة، فقال تعالى: وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ يعني: هؤلاء كانوا يعبدونكم؟ فتبرأ الملائكة منهم ومن عبادتهم، وقالوا: قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ أي بمعنى: أن الشياطين هي التي أغوتهم، وهي التي أوقعتهم بما عبدوا من دون الله. ولهذا ذكر ابن القيم في الجواب الكافي: أن كل من عبد غير الله فإن عبادته تقع للشياطين، ما عبد مَنْ عبد غير الله سوى الشيطان.
واستدلوا أيضا بأنه لما نزل قول الله تعالى: إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ قال المشركون: نحن نعبد الملائكة، ونعبد الصالحين، واليهود يعبدون العزير والنصارى يعبدون عيسى أفهؤلاء يا محمد كلهم من حصب جهنم؟! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنهم إنما يعبدون حقيقةً الشيطان والشيطان هو الذي سول لهم، وأملى لهم. الشيطان هو الذي دعاهم، إلى أن وقعوا فيما وقعوا فيه من هذه الشركيات، فلذلك يكونون عُبَّادًا للشيطان، والشياطين تعذب معهم، يشاهدون الشيطان، ويشاهدون إبليس وذريته معهم. كما حكى الله تعالى في خُطْبَة الشيطان بقوله: وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي إلى آخر الآية.
فدل على أن الشياطين تقترن بهم، فيكون ذلك معنى: إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ لا أن الملائكة يُعَذَّبُون معهم، ولا أن الصالحين والأنبياء الذين أصلحوا أعمالهم لله لا أنهم يعذبون، وإنما العذاب لهؤلاء المشركين، ولمن أضلهم من الشياطين. قال الله تعالى: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ .
قيل: من الجن: الشيطان إبليس، ومن الإنس: شياطين الإنس. وقيل: أول من دعا إلى الشرك وأضل به المشركين، إنهم يقولون ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والإنس. ومع ذلك فإنهم لا يخفف ذلك عنهم من العذاب، كما قال تعالى: وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ يعني: كونهم يشتركون مع من أضلوهم، لا يخفف ذلك من عذابهم.
وقد ذكر الله تعالى أن المشركين يحتجون بأن الذين أضلوهم هم الآباء والأسلاف والأجداد والسادة والأكابر، كما في قولهم: وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا ومثلها أيضا قول الله تعالى: قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ ومثلها قول الله تعالى: وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ إلى قوله: فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ .
فالحاصل أن المشركين الأولين ما نفعتهم عبادتهم للملائكة، ولا عبادتهم للسادة والأولياء والصالحين والأنبياء ونحوهم، ولكنها أضرتهم وأصبحوا بذلك مشركين. والنبي صلى الله عليه وسلم لم يفرق بين النصارى وبين المشركين القبوريين، أو المشركين الوثنيين وسمى الجميع مشركين.