القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
شرح كتاب الإيمان من صحيح البخاري
44412 مشاهدة
باب صوم رمضان احتسابا من الإيمان

قال -رحمه الله تعالى- باب: صوم رمضان احتسابا من الإيمان. حدثنا ابن سلام قال: أخبرنا محمد بن فضيل قال: حدثنا يحيى بن سعيد عن أبي سلمة عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من صام رمضان إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه .


(معلوم أن صيام رمضان) فريضة وركن من أركان الإسلام، وأن المسلمين يتقربون إلى الله تعالى بصيامه كله ولا يفطرون منه. ومن أفطر منه ولو يوما واحدا فإنه يقضيه إذا أفطر لعذر. ومن أفطر لغير عذر فإنه يعتبر مفرطا ويعتبر مذنبا ذنبا كثيرا. ومع ذلك فإنه يؤجر على هذا الصيام ويثاب؛ فيكون سببا في مغفرة ما تقدم من ذنبه. إذا كان مصدقا بأنه من الله وأن الله الذي فرضه وأمر به، ومصدقا بأنه عبادة وقربة يتطوع بها لله سبحانه وتعالى، ومحتسبا الأجر طالبا الأجر من الله غفر له ما تقدم من ذنبه .
فهذه ثلاثة أسباب في رمضان يغفر الله تعالى بها للعبد ما تقدم من ذنبه؛ الأولى: قيام ليلة القدر إيمانا واحتسابا، والثانية: قيام ليالي رمضان إيمانا واحتسابا، والثالثة: صيام رمضان إيمانا واحتسابا.
أي: كلها من الأسباب التي يغفر الله تعالى بها سيئات العبد. وهذه المغفرة قيل: إنها تعم كبائر الذنوب، وقيل: إنها تختص بالصغائر.
جاء في حديث أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر فجعل تكفيرها بشرط اجتناب الكبائر.
فأما إذا اقترف العبد الكبائر، فالكبائر تحتاج إلى توبة؛ فمن قد اقترفها فلا بد من التوبة.
كذلك أيضا لا بد من ترك الذنوب؛ لأنه إذا أصر عليها فإنها تكون من الكبائر ولو كانت من مقدمات الذنوب. فلا بد من التوبة التي هي ترك الإصرار عليها والتباعد عنها.