إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
تفسير آيات النكاح من سورة النور
24641 مشاهدة
تقديم محبة الله ورسوله على محبة ما سواهما


ثم ذكر الآية الثانية في سورة التوبة: قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ .
أمر الله تعالى بتقديم محبته ومحبة نبيه ومحبة العمل لأجله على محبة هذه الأصناف الثمانية، الأشياء الثمانية التي هي: القرابات، والأموال ونحوها؛ يقول: لا تقدموا محبة قراباتكم على محبة ربكم وعلى محبة نبيه وعلى محبة الأعمال الصالحة التي يحبها، بل محبة الله ومحبة نبيه يجب أن تقدموها على محبة كل شيء من الدنيا كلها حتى تكونوا بذلك صادقين في أنكم تحبون الله تعالى.
ذكر الله ثمانية أشياء بدأ بالآباء: إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ العادة أن الإنسان يحب أباه لأنه هو الذي رباه وأنعم عليه، ثم بعد ذلك الأبناء محبة الأبناء ليست غالبًا مقابل منفعة سبقت ولكن محبته رقة ورحمة وشفقة.
الإخوان أيضًا العادة أنه يحب إخوانه لقرابتهم وصداقتهم ولمقاربتهم له ونحو ذلك. الأزواج يعني الزوجات الأصل أيضًا أن بين الزوجين محبة ومودة ورحمة.
العشيرة الذين هم الأسرة والقبيلة الأصل أيضًا أن الإنسان يحب قبيلته ويفديهم ويخدمهم.
كذلك الأموال يحب الإنسان عادة ماله قال تعالى: وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا .
وكذلك التجارة، التجارة إذا كان الإنسان عنده تجارة يتجر بها ويتعامل بها فإنه يرغب في تنميتها.
المساكن والمنازل التي يهوى النزول بها والاستقرار بها أيضًا من جمـلة ما يحبه الإنسان بطبيعته.
فهذه الأشياء عادة تكون محبوبة عند النفس، فنهى الله تعالى أن تقدم محبتها على محبته سبحانه؛ أي لا تقدموها على محبة ربكم؛ وذلك لأن ربكم هو المنعم عليكم وهو الذي خلقكم وأنتم عبيده، فعليكم أن تقدموا محبته على غيره، وذلك من باب التعبد له بذلك.
كذلك أيضًا محبة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الله أنقذ الأمة بدعوته؛ ولأنه الذي دلهم على ربهم، فعليهم أن يرضوا بما قد قدر الله عليهم أن يتبعوا نبيه صلى الله عليه وسلم، وأن يتقبلوا ما جاء به ليكونوا بذلك صادقين في محبته، وأن يتبعوه ويعملوا بشريعته.
كذلك محبة الأعمال الصالحة، ومثل لها بالجهاد في قوله: وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ ؛ يعني سواء كان الجهاد بذل الجهد في قتال الكفار أو بذل الجهد في الإنفاق في سبيل الله كتجهيز غزاة ونحوهم أو بذل الجهد في طاعة الله، فإن ذلك يسمى جهاد في سبيل الله.
فَتَرَبَّصُوا انتظروا إذا قدمتم الأصناف الثمانية على محبة الله ورسوله انتظروا ما يحل بكم فقد تعرضتم للعقوبة: حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ قد يعاقبهم الله إن عاجلًا أو آجلًا.
وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ؛ أي من فعل ذلك فإنه يعتبر فاسقا. فالآية واضحة في تقديم محبة الله ومحبة رسوله على محبة كل شيء.