إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
باب بدء الوحي من صحيح البخاري
53789 مشاهدة
اعتراف هرقل بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم

...............................................................................


ثم ذكر له هذه الآية في سورة آل عمران: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وذلك لأنهم أهل كتاب، ولأجل ذلك عَرَفَ من كتبهم صفة النبي صلى الله عليه وسلم، واعترف بأنه سيملك ما تحت قدميه، ويقول: لو خلصت إليه لَغَسَلْتُ قدميه، لو تخلصت إلى محمد لأطعته.. حتى ولو أخدمه بأن أغسل قدميه، فَلَمَّا كان مُطَاعًا كان إثم مَنِ اتبعه على الضلال يحمله عليه مثله. قال الله تعالى: وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ يعني: أوزارًا مثل أوزار الذين اتبعوهم، وقال تعالى: لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ يعني: ما حملوه، وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ أي: وبعض أوزار الذين يضلونهم بغير علم، فهذا معنى: أن عليك إثم الإريسيين، يعني: مِنْ أتباعك، سواء العمال، أو الحراث، أو أهل الأشجار، أو أهل المكاسب.. كلهم عليك مثل آثامهم.
ثم الآية الكريمة لا شك أن فيها دعوة إلى التوحيد تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ هذه الكلمة هي قوله: أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا نستوي فيها نحن وأنتم: نعبد الله وحده، ولا نشرك به شيئًا، ونعترف بأن عيسى مخلوق، وأنه نبي من الأنبياء، خلاف ما تَدَّعُون فيه أنه هو الله، أو ابن الله، أو ثالث ثلاثة، ونجعل عبادتنا لله، ولا نشرك به شيئًا، أي: لا نجعل لله تعالى شركاء، فإن توليتم وأشركتم وامتنعتم فإننا نتبرأ منكم فهذه الآية، اعلموا أن الله، يعني: لما قرأ عليهم هذا الكتاب، وفيه هذه الآية.