اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
الصيام آداب وأحكام
50604 مشاهدة
تقديم فضيلة الشيخ العلامة عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي فضل شهر رمضان على بقية الشهور، وجعله موسما لصالح الأعمال ومضاعفة الأجور، وأنزل فيه القرآن بما أوضح من الهدى والنور، أحمده سبحانه وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ الذي بين للأمة الأعمال، وسن لهم من نوافل العبادات ما يحصلون به على المغفرة وجزيل الثواب، صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .
وبعد:
فهذه مجموعة من محاضرات تتعلق بالصيام والقيام والاعتكاف والأعمال الصالحة التي تسن في شهر رمضان كنت ألقيتها في مناسبات وأوقات مختلفة فجمعها بعض الإخوان الصالحين، وطلب الإذن في نشرها فوافقت على ذلك لما فيها من المصلحة والمنفعة العامة والخاصة .
وحيث إنها ألقيت ارتجالا بدون تحضير وإعداد فلا يستغرب ضعف التعبير ووجود الاختلال في سبك الكلام وعدم التناسب والتنسيق، ولكن المعنى ظاهر مفهوم، والله المسؤول أن ينفع بها المسلمين وأن يجزل لنا الثواب ولمن سعى في إخراجها، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله الجبرين