تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
الحج منافعه وآثاره
10885 مشاهدة
أولا : منافع السفر

المسلم الذي يتجشم المشقة، ويأتي من مكان بعيد, ربما يسافر ثلاثة أشهر, وربما نصف سنة, وربما يغيب عن أهله سنة كاملة, كل ذلك لأجل أن يؤدي هذا الحج!
فما الذي يحمله على ذلك؟
يترجح أن الحامل له شعوره بحق الله عليه, وشعوره بأن ربه أحب منه هذا الأمر -الذي هو التجشم- وهذا السفر؛ فهذا لا شك أن فيه نية خالصة تدفع العبد إلى أن يصبر على الصعوبات, وأن يصبر على المشقات وأن يستسهل الصعاب :
لأستسـهلنَّ الصعـب أو أدرك الـمنى
فمـا انقـادت الآمـال إلا لصــابر

فيستسهلون الصعاب, ويبذلون أوقاتهم وأموالهم في تذليل تلك الصعاب؛ حتى يحصلوا على مطلبهم .
ولا شك أن الإنسان عندما يسافر مسيرة شهر أو نصف شهر أو يوما أو أياما, لا شك أنه يلاقي هذه المشقات, وهذه الصعوبات, ولا شك أنها تمرن نفسه وتدربه على أن يصبر على الصعوبات والمشقات التي قد يلاقيها في حياته, وهذه منفعة من المنافع, وهي تمرين النفس على هذه الصعوبات والمشقات كالرفع والحطِّ والنزول والركوب والمشي والجلوس والنوم, وما أشبه ذلك.
كذلك فإنك لا شك تمر بديار لم تسمع بها أو لم ترها؛ فتأخذ منها عبرة, فتنظر إلى هذه البلاد وتتذكر أنه قد مر بها قبلك فلان وفلان, وأنها بلدة العالم فلان أو الأمير فلان, أو نحو ذلك, فتزداد معلوماتك.
وهكذا أيضا فإنك تمرن نفسك على الجوع والجهد الذي قد تلاقيه في بعض الأحيان؛ فتزداد صبرا وتحملا.
كل ذلك بلا شك من آثار الصبر وتحمل المشقات والصعوبات التي يسببها هذا السفر الذي هو سفر الحج.
كذلك أيضا تتدرب على آداب السفر, وللسفر آداب معروفة؛ فتعرف -مثلا- متى تقصر الصلاة، ومتى تجمع، ومتى يباح لك مثلا التيمم عند فقدان الماء أو لا يباح، وأشياء مثل ذلك من المعلومات التي قد تعلمتها ولكن لم تطبقها, فتطبقها في هذا السفر.
ومن منافع السفر صحبة الصالحين الأخيار الذين تجتمع معهم في سيارة كبيرة مثلا أو صغيرة, أو في باخرة, أو في غرفة, أو في خيمة ونحو ذلك.
ولا شك أن المسلم يكسب من هذه الصحبة منافع كثيرة, منها: المودة والمعرفة وزيادة المعلومات, فكل ذلك من المنافع التي أخبر بها الله في الحج.