يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
فتاوى في المسح
41819 مشاهدة
لبس الخف الأيمن قبل غسل الرجل اليسرى

السؤال:-
هل يجوز أن يلبس الخف الأيمن بعد غسل رجله اليمنى ثم يلبس الخف الأيسر بعد غسل الرجل اليسرى أو لا بد من إتمام الوضوء ثم لبسهما؟ الجواب:-
المشهور عن أحمد أنه لا يلبس الأيمن حتى تتم الطهارة بغسل الرجل اليسرى، واستدل له بقوله -صلى الله عليه وسلم- إني أدخلتهما طاهرتين وقد ذكر شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى فيه روايتين عن أحمد إحداهما: يجوز المسح وهو مذهب أبي حنيفة، والثانية: لا يجوز، وهو مذهب مالك والشافعي ؛ لأن الواجب ابتداء اللبس على الطهارة، قالوا: فعليه أن يخلع الخف الأولى ثم يدخلها بعد غسله للرجل الأخرى، واحتجوا بقوله: إني أدخلت القدمين الخفين وهما طاهرتان وهذا أدخلهما وليستا طاهرتين، والقول الأول هو الصواب بلا شك، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم- إني أدخلتهما وهما طاهرتان حق فإنه بين أن هذا علة لجواز المسح، فكل من أدخلهما طاهرتين فله المسح، وإلا فأي فائدة في نزع الخف ثم لبسه من غير إحداث شيء فيه منفعة؟ وهل هذا إلا عبث محض ينزه الشارع عن الأمر به؟ إلخ، وذكر الروايتين في ( المغني ) ، ( والشرح ) .
وقال عن الثانية: وهي جواز المسح؛ لأنه أحدث بعد كمال الطهارة واللبس فجاز كما لو نزع الخف الأول ثم لبسه، وكذلك الحكم في من مسح رأسه ولبس العمامة ثم غسل رجليه قياسا على الخف، ووجه الرواية الأولى ما ذكرنا من الحديثين، أي: عن المغيرة وهو يدل على وجود الطهارة فيهما جميعا وقت إدخالهما ولم يوجد ذلك وقت لبس الأولى؛ ولأن ما اعتبر له الطهارة اعتبر له جميعها كالصلاة وفارق ما إذا نزع الخف الأولى ثم لبسه؛ لأنه لبسه بعد كمال الطهارة اهـ.
وقال الشوكاني في ( النيل ) على حديث المغيرة: وقد استدل به على أن إكمال الطهارة فيهما شرط حتى لو غسل إحداهما وأدخلها الخف ثم غسل الأخرى وأدخلها الخف لم يجز المسح، صرح بذلك النووي وغيره، وأجاز الثوري والكوفيون المسح لصدق أنه أدخل كلا من رجليه الخف وهي طاهرة، وصرح ابن دقيق العيد بأنه لا يمتنع أن يعبر بهذه العبارة عن كون كل واحدة منهما أدخلت طاهرة، فقوله: أدخلتهما يقتضي تعليق الحكم بكل واحدة منها، نعم من روى: فإني أدخلتهما وهما طاهرتان قد يتمسك به هذا القائل، فإن قوله: أدخلتهما يقتضي كل واحدة منهما التقدير: أدخلت كل واحدة منهما حال طهارتها اهـ. وبه يترجح ما اختاره شيخ الإسلام وغيره من عدم اشتراط كمال الطهارة قبل اللبس، والله أعلم.