شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
شرح كتاب العلم من صحيح البخاري
33983 مشاهدة
باب من سئل علما وهو مشتغل في حديثه فأتم الحديث ثم أجاب السائل


أما الباب بعده ففيه كيفية التعليم أو كيفية إجابة السائل؛ هذا الرجل أعرابي سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: متى الساعة؟ والنبي -صلى الله عليه وسلم- مشتغل بمسألة يعلمها أصحابه، كان يقص على أصحابه ويحدثهم ويتكلم معهم في مسألة علمية فكره أن يقطعها بإجابة هذا الأعرابي الذي سأل بقوله: أخبرني متى الساعة؟ أو أخبرني عن الساعة ؟ الصحابة لما رأوه لم يجبه لأول مرة، قال بعضهم: يمكن أنه لم يسمع كلامه -مع أنه قد سمعه لأنه صوت به- قال آخرون: يمكن أنه سمعه ولكن كره السؤال؛ لأنه سؤال عن أمر من أمور الغيب التي لا يعلمها إلا الله، وقال آخرون: يمكن أنه أخر الجواب.
لا شك أنه كان يكره السؤال على الأشياء الغيبية التي لا يعلمها إلا الله ولهذا لما سأله جبريل في الحديث المشهور: أخبرني عن الساعة؟ قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل أي لست أعلم منك أي أنا وأنت في علمها سواء أي في العلم بها متى تقع، كذلك في هذا أنه لما انتهى من حديثه الذي كان يحدث به أصحابه؛ أجاب السائل بعد ذلك فأخبره بقوله: إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة، معلوم أن علم الساعة عند الله قال تعالى: يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا .
وقال -تعالى- يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا يكثر سؤالهم متى الساعة؟ متى تقوم الساعة؟ علمها عند الله قال -تعالى- إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ أي لا يعلمها إلا هو وأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن مفاتح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله في قوله تعالى: وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ أولها علم الساعة ومع ذلك فقد أخبر ببعض أشراطها؛ إذا وسد الأمر إلى غير أهله؛ فإن ذلك من إضاعة الأمانة، إذا ولي على المسلمين من ليس بأهل، وكان الولاة كلهم في جميع البلاد غير أكفاء للولاية وغير أهل لها فعند ذلك يقرب أن تأتي الساعة بغتة.نستمع إلى كلام البخاري.