إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
باب بدء الوحي من صحيح البخاري
53933 مشاهدة
الهجرة لا بد فيها من نية

...............................................................................


والحاصل أن الهجرة لا بد فيها من نية تعتبر إذا أراد الإنسان أن يكون له الأجر فليكن عمله صالحًا ومن ذلك هجرته، فإنسان مثلًا هاجر إلى البلاد التي فيها جهل وأراد بذلك أن يتعلم، هذه البلاد ليس فيها علم وليس فيها علماء، ولا أقدر على أن أتعلم فيها ديني، فكيف أتعلم؟! انتقل إلى بلاد فيها علماء وتلقى منهم العلم حتى تعبد الله على بصيرة، فهذا أيضًا من الهجرة يعني أنه هاجر ليتعلم.
كذلك بلدة يظهر فيها الكفر وتظهر فيها المعاصي، ولا تقدر على أن تنكرها ولا أن تتخلص منها، وتخشى أن تقع فيها أنت أو ولدك أو امرأتك، فيها مثلًا غناء وزمر وفيها خمور وفيها دخان وفيها تبرج ونحو ذلك، لا تقدر على أن تحفظ منها أهلك وذريتك، فإذا انتقلت إلى بلدة آمنة ليس فيها شيء من هذه المحرمات قصدك بذلك أن تسلم على أهلك ومحارمك وأولادك؛ فأنت بذلك لك أجر المهاجرين، فهذا هو تحديد هذه الهجرة.