إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
الثمرات الجنية شرح المنظومة البيقونية
35224 مشاهدة
الحديث المؤتلف والمختلف

(مُؤتَلفٌ) مُتّفقُ الخطِّ فقَـطْ وضِدُّهُ (مختلِفُ) فَاخْش الغلَطْ
الحديث المؤتلف والمختلف:
أما (المؤتلف والمختلف) فهذا مما يحتاج إلى العناية به، وهو ما اتفقت حروفه وافترقت حركاته، فكثيرا ما تتفق الأسماء يعني في الحروف، وتختلف في الحركات، أو تتفق في الحروف وتختلف في النقط والإعجام، وكثيرا ما يحصل فيه التصحيف والتحريف، وكثيرا ما يشتبه محمد بن بشار بمحمد بن سنان ومحمد بن يسار مع كون الباء هنا بعدها معجمة، والياء هناك بعدها مهملة، لكن لكتابتهم باليد يحصل أيضا الاشتباه، وكثيرا ما يشتبه الاسم بما يقاربه؛ حيث يشتبه شيبان بسنان مع أن بينهما فرقا، ولكن غالبهم لا ينقطون الحروف؛ فلأجل ذلك يحصل الاشتباه كسليمان بسلمان مع أن بينهما فرقا، ويقع هذا في الأسماء التي يتقارب لفظها وتحتاج إلى ضبط وإلى عناية، وقد ضبطها النووي في مقدمة شرح مسلم فذكر الأسماء التي تتقارب، وذكر ما يوجد بينهما من الفروق، فأنت إذا قرأت مثلا هذه الكلمة تعرف أنها كلها تُنطق بكذا إلا هذا الاسم الفلاني، مثلا غالب الأسماء تتميز إذا كانت أعلاما وقد يحصل الاشتباه في بعض الأعلام وفي الأنساب، فقد يكون الفرق بينهما في النقط كالهمداني، والهمذاني، والدهني والذهبي، فإذا مر بك عمار الذهبي فأصلحه الدهني بالمهملة والنون؛ لأنه خطأ فليس هناك عمار الذهبي في الرواة الأولين، وإنما كتبوه الذهبي لاشتهار نسبة الذهبي، وإلا فالصواب أنه عمار الدهني.
والأولون يكتبون الحروف بدون نقط، فيجيء بعض النسَّاخ، والنساخ قد يكونون من العامة حتى سماهم كثير من الحذاق مُسَّاخا فيكتبونه، فإذا رأوا الدهني نقطوا الدال وجعلوا الدال ذالا وجعلوا النون باء، وقد يحصل أيضا التصحيف حتى بزيادة أو بإسقاط بعض من الحروف، فمثلا رأيت من صحف (الضبي بالضبعي) وبالعكس، فأسقط العين مع السرعة، وكأنها ما اتضحت العين فكتبها الضبي مع أنه الضبعي، فأما الاختلاف في النقط فحدث ولا حرج، مثل جمرة كثيرا ما يكتبونه حمزة، فأبو جمرة الضبعي تلميذ ابن عباس مشهور يكتبونه أبو حمزة؛ لأن كلمة جمرة غريبة غير مشهورة، ولما كتبت نقطت الراء فأصبح حمزة.
فهذا النوع يسمى المؤتلف والمختلف يعني بالمؤتلف المتقارب في الرسم، والمختلف في النطق إما بالشكل وإما بالنقط، فالشكل مثل سَلاَم وَسلاّم بتشديد اللام وتخفيفها هذا اختلافه بالشكل، وأما النقط فمثل سنان وشيبان، ومثل سيار ويسار وبشار وما أشبه ذلك، فهذا كله مما يقع فيه التصحيف، فهو يسمى بالمؤتلف، يعني: بالمؤتلف في الخط المختلف في النطق.