إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
الثمرات الجنية شرح المنظومة البيقونية
35239 مشاهدة
تدليس الإسناد

 
الأَولُ الإِسْقَاطُ للشيخ وأَنْ ينقلَ عمَّـن فوْقهُ بعَن وأَنْ
أمثلة للمدلِّسين:
ومن المشتهرين بالتدليس ابن إسحاق صاحب السيرة، فكثيرا ما يسقط شيخه ويروي عن شيخ شيخه بعن أو بأن، ومن المشهورين بالتدليس: الكلبي وعطية العوفي، وهناك مدلسون ولكنهم ثقات، منهم أبو الزبير محمد بن مسلم بن تَدرُس والأعمش سليمان بن مهران وقتادة بن دعامة، ولكن في الغالب أنهم لا يدلسون إلا عن ثقات، فلا يحذفون من الإسناد إلا شخصا موثوقا ومجزوما به؛ فلأجل ذلك تقبل رواياتهم عن أكابر مشايخهم وإن اشتهر عنهم التدليس.
تدليس الإسناد
والتدليس الذي يستعملونه أن يسقط أحدهم شيخه، ويروي عن شيخ شيخه بعن أو بأن، كأن يقول مثلا: عن الزهري قال: حدثني سالم عن أبيه، أو عن الزهري عن سالم عن أبيه، فلا يقول: حدَّثني الزهري ؛ لأنه ما حدَّثه به فلا يتجرأ على الكذب، إنما يقول عن الزهري أو يسقط مثلا شيخه، ويقول: إن هشيما قال: حدَّثنا فلان. وإن عاصم بن عمر قال.
فالحاصل أن المدلس تارة يأتي بكلمة (أنه قال) وتارة يأتي بكلمة (عن) ويسقط شيخه الذي سمع منه الحديث.