الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
محاضرات عن طلب العلم وفضل العلماء
13497 مشاهدة
أهم متطلبات طلب العلم

ولكن يعرف مع ذلك العبد يعرف أن هذا العلم الذي يتعلمه لا يحصل في وقت قصير، بل لا بد من الممارسة، ولا بد من الصبر على المشقة والصعوبات التي قد تلاقيه، والخسران والنفقات المالية، ونحو ذلك؛ حتى يحصل على جانب من العلم فيه كفايته وفائدته، فقد روي عن بعض الشعراء، أنه قال:
أخي لن تنـال العــلم إلا بستـة
سـأنبيك عـن تفصيلهـا ببيـان
ذكـاء وحـرص واجتهـاد وفطنة
وصحبـة أسـتاذ وطـول زمـان

فهذه الستة إذا اجتمعت في الإنسان رجي أن يكون موفقا لتحصيل العلم النافع.
فأما أولها وهو: الذكاء، فإنه يخرج البليد، الذي يكون غافلا أو مغفلا غير عاقل ولا متعقل لما يقول.
ولا حافظ ولم يرزق حفظا، فإنه يتعب ويتعب نفسه ولا يحصل على فائدة، بل كلما حصل على شيء ذهب من ذاكرته ونسيه أو تغافل عنه.
وأما الثاني وهو: الحرص، فإنه يدل على أن طالب العلم عليه أن يحرص، والحرص لا شك أنه يبعث على مواصلة الطلب في الليل والنهار وفي الأيام كلها، ولا يخص ذلك بوقت دون وقت.
وكذلك الاجتهاد الذي هو بذل الجهد بالنفس والمال، الجهد هو غاية المستطاع، يبذل جهده وهو غاية مستطاعه، فينفق من ماله، ويسافر بلدا، ويقطع المراحل، ويسهر الليالي، وما أشبه ذلك، مما يدل على أنه مجتهد، وصادق الرغبة.
وأما البلغة التي هي الزاد الذي يقتاته فإن هذا من ضروريات الحياة، فالذي يتعلم ولكن ليس عنده ما يقتات به وما يأكله وما يقوت به نفسه هذا لا تهنأ حياته ولا تقر، فهو بحاجة إلى أن يكون له كسب أو دخل، إما أن يكون له أبوان قد قاما بكفايته والنفقة عليه، أو له غلة ودخل، أو له حرفة يحترف بها في وقت من الأوقات يكون كسبه منها مسببا لأن يستغل غلة تقوم بكفايته والنفقة عليه في وقت الطلب؛ حتى يواصل سيره ويتعلم إلى أن يحصل على جانب من العلم.
وأما صحبة المدرس والمعلم فهذه أيضا من الضروريات، فالذي يتعلم على نفسه، أو يتعلم على من هو دونه مثلا، أو يقرأ من الكتب وهو لا يفقه ما تتضمنه، قد يقع في أخطاء، وقد يمل ويتكاسل فلا يحصل على المطلوب، وأما طول الزمان فإنه يدل على أن الإنسان لا يمل، ولا ينبغي له أن يمل ولو طال الزمان ولو بقي عشرات السنين.
هكذا كان العلماء -رحمهم الله- يواصلون سيرهم ولو بلغوا ما بلغوا، فإن الإنسان كلما حصل على علم ازدادت المعرفة عنده، وازدادت حرارة العلم، وتوسعت المعارف أمامه، ولا شك أيضا أن العلوم تتراكم وتتكاثر عليه، ولذلك يقول بعض العلماء: إن العلم كثير، وإن العمر قصير، فينبغي للإنسان أن يبدأ بالأهم فالأهم، ولا شك أن الأهم هو ما يفيدك في حياتك وفي عباداتك، وتقتصر من بقية العلوم على ما أنت بحاجة إليه فقط.
فالتوسع في العلوم الأخرى قد يسأل الإنسان عن ما هو أهم منه، حتى قال بعض العلماء في علم النحو: إن النحو في الكلام كالملح في الطعام، بمعنى: أنه لا حاجة إلى الإكثار منه، فلا تتوغل فيه وتكثر منه فيذهب وقتك ويزهق عمرك وحياتك دون أن تحصل على شيء مفيد غاية الفائدة، ولا تتركه فتقع في الأخطاء وفي اللحن وفي الأغلاط، بل تقتصر منه على ما يصلح حالتك.
كما أن الملح في الطعام لا يزاد منه ولا يقلل منه، فإن زيد منه أفسد الطعام وإن قلل منه فالطعام سامج لا يستساغ أكله، بل يقتصر على قدر الحاجة، إذا كان هذا في علم النحو الذي مدحه بعضهم بقوله:
وإذا طلبت من العلوم أهمهـا
فأهمها منها مقيـم الألسـن

فكيف ببقية العلوم التي فائدتها قليلة، أو قد تكون مضرتها محققة؟! ولا نطيل في البحث في هذا.