قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
فاسألوا أهل الذكر
4051 مشاهدة
نهي المستفتي عن تتبع زلات العلماء

ثم نقول بعد ذلك: إن بعض الناس يتتبعون الرخص؛ بحيث إنه يسأل المفتي فلان، فإذا سأله وأفتاه بفتوى فيها شيء من الاحتياط لم يقنع بها، وذهب يسأل الآخر، وذهب يسأل الثالث والرابع، أو يتسمع إلى المفتين في الإذاعات أو في النشرات، أو في الصحف، أو في الإذاعات، وما أشبهها، فينظر ما هو الأسهل ويأخذ به؛ فيقعون في الإثم، ويرتكبون الذنب، وهم يعلمون أن هذا فيه تساهل.
إذا علموا أن فلانا يتساهل قالوا: نأخذ بقوله، ثم يأخذون بقول الآخر في تساهله، ثم بقول الثالث في تساهله، فيجتمع فيهم الشر كله والعياذ بالله.
يذكر أن رجلا جاء إلى أحد الخلفاء، وقد جمع زلات العلماء، وجاء بها إلى ذلك الخليفة، فقال: هذه فتاوى؛ أفتى فلان بإباحة نكاح المتعة، وأفتى فلان بشرب الخمر إذا لم تسكر، وأفتى فلان بسماع الأغاني، وأفتى فلان بجواز سفر النساء بغير محرم، وأفتى فلان بإباحة سفور النساء وإبدائهن زينتهن، وأفتى فلان بإباحة ترك صلاة الجماعة والصلاة في البيوت، وأشباه ذلك.
فتعجب ذلك الذي سمع تلك الفتوى، وقال: هذه رخص؛ فعند ذلك جاءه أحد العلماء وقال: إن من تتبع الرخص تزندق؛ وذلك لأنها لم يقلها عالم واحد. إذا قالها عالم فإنه لم يقل بها كلها. إنما قال بواحدة، والثاني قال بواحدة، فإذا اجتمعت فيك أنت فقد اجتمع فيك الشر كله؛ أخذت زلة فلان، وزلة فلان، وزلة فلان؛ فتكون بذلك قد جمعت الشرور، وجمعت الأخطاء.
لا شك أن الإنسان ليس بمعصوم، والعالم قد يخطئ في اجتهاده، ولو بُيِّنَ له الحق لرجع إليه. كثير من العلماء يجتهد في المسألة التي تعرض له فيظن أن الصواب فيها ما يختاره، فإذا كان كذلك فإنه يعتبر مخطئا، ولكن يراجع بعد ذلك، ويبين له الصواب، فيندم على ما فعل، ويتوب ويرجع إلى الصواب، ويستغفر الله، ويقول لمن أفتاه: إني قد رجعت، وإني قد ندمت على ما فعلت، وإن الصواب خلاف ما قلته، فهذا هو حالة السلف رحمهم الله، ويقولون: الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل.