عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
عوامل صلاح المجتمع (لقاء مفتوح)
2925 مشاهدة
ضرورة التناصح والتواصي في الخير

لا بد أنهم إذا كانوا من الناصحين أن يلاحظوا عليه إما في نفسه وإما في ماله، وإما في ولده وإما في أهله، وإما في جيرانه وإما في مجتمعه كله. فإذا قالوا له -الناصحون من أهل الخير- لا بد أنه إذا استنصحهم نصحوه؛ فإذا قالوا: نلاحظ عليك - يستشير عددا عشرة أو عشرين أو ثلاثين من جيرانه ومن أصدقائه- وكذلك أيضا يعرض عليهم حالة نفسه. فيقول: أنا أفعل كذا وأنا أقوم بكذا وأنا أعمل كذا وكذا.
ثم بعد ذلك يطلب منهم الملاحظة؛ فإذا لاحظ بعضهم وقال: رأيتك مثلا تتأخر عن صلاة الجماعة، لا تأتي إلا بعد الإقامة يقول: صدقت هذه ملاحظة فيحافظ بعد ذلك، ويتقدم وقت الأذان أو قبل الأذان.
وإذا قالوا له: لاحظنا أنك تترك شيئا من نوافل العبادة الرواتب التي واظب عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- تفوتك هذه الرواتب -يقول: صدقت، إني قد أخللت بهذا وهذا نقص عليّ فجزيت خيرا؛ فيعمل بنصيحته ويقبلها ويواظب على هذه النوافل التي واظب عليها النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وكذلك إذا لاحظ عليه بعضهم، وقال: رأيناك قد وقعت في معصية، ورأيناك تتكلم في الناس، تتكلم فيهم في غيبتهم وهذا من الغيبة المحرمة؛ فإذا نبهوه انتبه لذلك وقبل إرشاداتهم وامتثل ذلك؛ وقال: أنا من الآن أتوب ولا أرجع إلى أحد أنتقصه، ولا أتكلم، أحفظ لساني، وأحفظ نفسي وأحرص على إصلاح نفسي؛ فأنا مشغول بنفسي ولست مشغولا بغيري.
وهكذا أيضا إذا أشار عليه بعضهم أو لاحظ بعضهم، وقال: رأيناك تبخل بما أعطاك الله تعالى، ولا تنفقه في وجوه الخير، أو لا تؤدي زكاة مالك التي افترض الله عليك، وكانوا صادقين -يعتذر عنهم ويقول: إني أخرج كذا وكذا أو إني قد أخللت بهذا، وهذه ملاحظة ينبغي أني أتقبلها وأصلح نفسي، وأقوم بما لوحظ علي من هذا الأمر؛ فيقبل هذه الملاحظة والإرشاد.
كذلك أيضا إذا لوحظ عليك ملاحظة أنك تهمل أولادك، أو إخوتك الذين أنت مسئول عنهم ولا تتفقدهم، ولا تأتي بهم على المساجد؛ فهذه أيضا ملاحظة عليك أن تقبلها وأن تقول: صدقتم؛ إنني قد أهملت وانشغلت بنفسي، وما أظن أنني مسئول، نسيت قول النبي -صلى الله عليه وسلم- كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته .
كذلك إذا لاحظ بعضهم وقال: رأيناك لا تأتي بأولادك في الحلقات، في حلقات تحفيظ القرآن؛ فإن ذلك من أسباب صلاحهم؛ يتقبل ذلك ويقبله ويأتي بأولاده أو بإخوته الذين في سن الشباب وهو يقدر، فيلاحظهم ويتابعهم ويأمرهم بأن يواظبوا على حفظ القرآن أو حفظ ما تيسر منه.
وهكذا أيضا إذا لاحظوا عليك إذا قالوا لك: رأينا أنك قد أدخلت في بيتك شيئا من آلات الملاهي، أدخلت هذه الأجهزة التي تفسد أولادك وتفسد نساءك، وأنت لا تشعر بأنهم سوف يفسدون أو يتعرضون للفساد. إذا لوحظ عليك مثل هذا فإنك تقبل ممن لاحظ، وتقول: صدقتم.
لا شك أن هذا قد وقع وإني نادم وإني متأسف، ما كنت أظن أن هذا من الآثام أو أن هذا يصل إلى الحرام، ولكن من الآن أسعى في إصلاح نفسي، وأسعى في إصلاح أهلي، وأترك ما أنا واقع فيه من هذه المحرمات؛ فيرجع ويصلح نفسه ويتوب إلى الله تعالى، ويطهر بيته من هذه الأجهزة التي تفسده وتفسد أهله وتفسد أولاده وما أشبه ذلك.
وهكذا أيضا إذا لاحظ عليه بعضهم، وقالوا: نلاحظ عليك إهمال نسائك؛ امرأتك أو أختك أو بنتك أو أحد النساء التي أنت مسئول عنهم، أنك لا تراقبهم؛ فإن هذا أيضا واقع فيه كثير؛ حيث إنهم لا ينتبهون إلى من تحت أيديهم، ولا يلاحظون ما هم مسئولون عنه؛ ذلك لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته .
فالرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عنهم، مسئول عن أولاده وعن نسائه وعن كل من تحت يده؛ هل قام بإصلاحهم؟ وهل تفقدهم؟ أم أهملهم وتركهم يسيبون، وتركهم يفسدون ويتعرضون لمن يفسدهم؟
لا شك أن هذا أيضا مما وقع فيه الكثير ولم ينتبهوا، وكان الواجب عليهم أن ينتبهوا لأنفسهم أو يسألوا إخوانهم المصلحين ويقولون: عليكم أن ترشدونا إلى ما نحن واقعون فيه من الخلل حتى نسعى في إصلاح هذا الخلل وهذا الفساد، فإذا نبهوه فإنه ينتبه.