لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. logo إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
shape
الكسب الحلال أهميته - وآثاره
28155 مشاهدة print word pdf
line-top
وعيد شديد

لقد عذر الله الذين أكلوا الربا فيما سبق، وقال: إذا انتهوا وتابوا فلهم ما قد قبضوه، ولهم ما قد أكلوه، وأما في المستقبل فإن عليهم أن يتوبوا، فإن لم يتب أحدهم فليستعد للعذاب، ومن عاد فأولئك مأواهم النار -والعياذ بالله- قال تعالى: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة: 275] وهذه عقوبة كبيرة، نسأل الله السلامة والعافية.
ولأجل هذا الوعيد الشديد فقد عد النبي -صلى الله عليه وسلم- الربا من السبع الموبقات فقال -صلى الله عليه وسلم- اجتنبوا السبع الموبقات. قالوا: يا رسول الله، ما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات .
فهذه هي السبع الموبقات التي هي من كبائر الذنوب، فجعلها موبقات أي: مهلكات توقع في الهلاك والتردي. وقال تعالى: يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ [البقرة: 276]. والمحق هو قلة البركة، فإن أصحاب الأموال الربوية، ولو ربت أموالهم وكثرت أرباحهم، ولو ملكوا أموالا وتجارات كثيرة، ولو كثر خيرهم ورزقهم ومالهم، فإن قلوبهم ليست غنية، بل لا يزالون يلهثون ويطلبون المال! فكأن قلوبهم فقيرة؛ وذلك من محق البركة: يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا أي: يقلل بركته وقيمته في قلوب أهله. وقد يكون المحق حسيًّا، بمعنى أن الربا يصير ماحقا وماحيا للكسب، فيقع صاحبه في الخسران المبين، وكساد التجارة والبوار، وما ذاك إلا عقوبة عاجلة!!
لذا كان الواجب على آكل الربا أن يخاف من هذا الوعيد الذي هو محق البركة، ومحق الرزق.
أما الصدقات فإنه -سبحانه وتعالى- يربيها ويضاعفها، قال الله تعالى: يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ومعنى يربيها: يضاعفها لأهلها، كما فى قوله تعالى: وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ [الروم: 39]. ثم قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [البقرة: 277، 278].
فأمرهم الله تعالى في هذه الآيات أولا بالتقوى، بعد أن ناداهم بالإيمان، أمرهم بتقوى الله التي هي الخوف منه وتوقي عذابه، ومن أسباب ذلك الخوف من فعل المحرمات، فإن الذي يفعل المحرمات لا يأمن العذاب، فعليه أن يتقي الله، وعليه مع التقوى أن يذر ما بقي من الربا، فيترك الأموال التي بها ربا، الباقية في ذمم الناس، ففي قوله تعالى: وَذَرُوا مَا بَقِيَ أي: اتركوا ما بقي من الربا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ أي: إن كنتم صادقين في أنكم قد آمنتم وصدقتم وابتعدتم عمّا حرَّم الله! فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [البقرة: 279].
روي أنه يقال للمرابي يوم القيامة: قم حارب الله ورسوله! وماذا يفعل ذلك الضعيف؟! فقد ذكر الله تعالى عن المنافقين أنهم يخادعون الله وهو خادعهم!
فكذلك الذين يحاربون الله ورسوله، إنهم مغلوبون في أية جهة، والله تعالى هو الغالب!
ثم قال تعالى: وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ [البقرة: 279]. ومعنى ذلك أنك إذا تبت فلك من الآن أن تقتصر على رأس مالك، ولا تأخذ الزيادات -التي هي الربا- ولا تَظْلم ولا تُظلم، فاقتصر على رأس مالك، وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ أي: ذلك المدين الذي في ذمته هذا المال إن كان ذا عسرة فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ فإذا كان معسرا فاصبر عليه وأمهله حتى يجعل الله بعد عسر يسرا فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ أي: أنظره إلى أن يأتيه اليسر والثروة!
فمثل هذه الآيات في صراحتها يجب أن يتأملها المسلم، وقد أيدتها أيضا الأحاديث الصريحة.

line-bottom