اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. logo إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
shape
تفسير آيات النكاح من سورة النور
40367 مشاهدة print word pdf
line-top
تقديم محبة الله ورسوله على محبة ما سواهما


ثم ذكر الآية الثانية في سورة التوبة: قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ .
أمر الله تعالى بتقديم محبته ومحبة نبيه ومحبة العمل لأجله على محبة هذه الأصناف الثمانية، الأشياء الثمانية التي هي: القرابات، والأموال ونحوها؛ يقول: لا تقدموا محبة قراباتكم على محبة ربكم وعلى محبة نبيه وعلى محبة الأعمال الصالحة التي يحبها، بل محبة الله ومحبة نبيه يجب أن تقدموها على محبة كل شيء من الدنيا كلها حتى تكونوا بذلك صادقين في أنكم تحبون الله تعالى.
ذكر الله ثمانية أشياء بدأ بالآباء: إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ العادة أن الإنسان يحب أباه لأنه هو الذي رباه وأنعم عليه، ثم بعد ذلك الأبناء محبة الأبناء ليست غالبًا مقابل منفعة سبقت ولكن محبته رقة ورحمة وشفقة.
الإخوان أيضًا العادة أنه يحب إخوانه لقرابتهم وصداقتهم ولمقاربتهم له ونحو ذلك. الأزواج يعني الزوجات الأصل أيضًا أن بين الزوجين محبة ومودة ورحمة.
العشيرة الذين هم الأسرة والقبيلة الأصل أيضًا أن الإنسان يحب قبيلته ويفديهم ويخدمهم.
كذلك الأموال يحب الإنسان عادة ماله قال تعالى: وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا .
وكذلك التجارة، التجارة إذا كان الإنسان عنده تجارة يتجر بها ويتعامل بها فإنه يرغب في تنميتها.
المساكن والمنازل التي يهوى النزول بها والاستقرار بها أيضًا من جمـلة ما يحبه الإنسان بطبيعته.
فهذه الأشياء عادة تكون محبوبة عند النفس، فنهى الله تعالى أن تقدم محبتها على محبته سبحانه؛ أي لا تقدموها على محبة ربكم؛ وذلك لأن ربكم هو المنعم عليكم وهو الذي خلقكم وأنتم عبيده، فعليكم أن تقدموا محبته على غيره، وذلك من باب التعبد له بذلك.
كذلك أيضًا محبة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الله أنقذ الأمة بدعوته؛ ولأنه الذي دلهم على ربهم، فعليهم أن يرضوا بما قد قدر الله عليهم أن يتبعوا نبيه صلى الله عليه وسلم، وأن يتقبلوا ما جاء به ليكونوا بذلك صادقين في محبته، وأن يتبعوه ويعملوا بشريعته.
كذلك محبة الأعمال الصالحة، ومثل لها بالجهاد في قوله: وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ ؛ يعني سواء كان الجهاد بذل الجهد في قتال الكفار أو بذل الجهد في الإنفاق في سبيل الله كتجهيز غزاة ونحوهم أو بذل الجهد في طاعة الله، فإن ذلك يسمى جهاد في سبيل الله.
فَتَرَبَّصُوا انتظروا إذا قدمتم الأصناف الثمانية على محبة الله ورسوله انتظروا ما يحل بكم فقد تعرضتم للعقوبة: حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ قد يعاقبهم الله إن عاجلًا أو آجلًا.
وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ؛ أي من فعل ذلك فإنه يعتبر فاسقا. فالآية واضحة في تقديم محبة الله ومحبة رسوله على محبة كل شيء.

line-bottom