تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
الكسب الحلال أهميته - وآثاره
15726 مشاهدة
البنوك الربوية

وإن مما وقع فيه أهل هذا الزمان كثرة تعاملهم مع البنوك الربوية، وهذه البنوك -لا شك- أنها تتعامل بالربا، ورباها صريح؛ حيث إنك إذا أتيتها تقترض -مثلا- ألف ريال اشترطوا عليك أن ترد هذه الألف، وترد معها مبلغا إضافيا حسب المدة التي تسدد بعدها! وهذا ربا صريح!
ومن هذا أيضا أرباح الأموال التي تودع في البنوك فإنها أيضا ربا! وهو أن تعطي البنك مالا كأمانة، وهم بلا شك يقرضونه لآخر، ويربحون منه ربا، فإذا ردوه عليك، قالوا: هذا ربح ربحناه في تجارتنا وبضاعتنا، ومن جملتها مالك وأمانتك، فيوقعونك فيما وقعوا فيه من أكل الربا!
نقول: إن هذا من جملة ما يوقع في الربا، فعلى المسلم أن يتجنب هذه الأشياء.
وقد يضطر الإنسان -بلا شك- إلى الإيداع في كثير من البنوك، لسبب من الأسباب كسفر، أو خشية سرقة النقود، أو اختلاسها، فيودعها أحد البنوك الربوية، فإذا أودعها للحفظ ونحوه فإنه لا يأخذ عليها فائدة ربوية، وهي التي يسمونها بغير اسمها، بل يقتصر على أخذ ماله، ويبقى ذلك المال الزائد لهم.
وقد أجاز بعض العلماء أخذ هذه الفوائد الربوية من البنوك ولكن لا يأكلها صاحبها، حتى لا يأكل الربا، وإنما يصرفها في وجوه البر، ووجوه الخير!
ولعل هذا قول وجيه بالنسبة للبنوك الكبيرة، وبالنسبة للأموال الطائلة؛ حيث إن هناك من قد يكون عنده مال كثير ولا يستطيع أن يحفظه في بيته، فيودعه أحد البنوك التي تتعامل بالربا، وقد تكون الفائدة على هـذه المبالغ كبيرة أرباحها كثيرة، فإذا تركه لهم -وهم كفار، أو عصاة أو نحو ذلك- فقد يتعاونون به على إضعاف الإسلام، وتقوية الكفر والشرك ونحو ذلك!!
فمن المصلحة أن يؤخذ هذا المال الذي ربحوه عندهم ويصرف في وجوه البر ومصارف الخير، كأن يعطى للمساكين والمستضعفين، ونحو ذلك.
هكذا أفتى بعض المشايخ، واستدلوا على ذلك أن العلماء يصرفون الأموال المحرمة في وجوه البر والخير!
فإذا عثر على بيت فحش وزنا، وفيه أموال، فإن تلك الأموال محرمة -لأنها قد اكتسبت من الزنا وغير ذلك- فإذا عثرنا على تلك الأموال، فماذا نفعل بها؛ هل نردهـا على الزاني؛ لا؛ وذلك لأن الزاني قد استوفى منفعته، فلا نجمع له بين منفعته، وبين ماله، لا يعطى العِوَض والمعوض. وكذلك لا نتركها للزانية، لكونها دخلت عليها من كسب حرام، ولكن نصرفها في وجوه الخير، فتصرف للمساكين، وتصرف في سبيل الله، وما أشبه ذلك.
ولكن لا شك أن الأَوْلى بالمسلم هو البعد عن البنوك الربوية، والإيداع فيها، والتعامل معها، فهناك بنوك إسلامية، معاملاتها سليمة، بعيدة عن الشبهات، وهي تعمل كمضاربة، فتعمل في رءوس أموالها عمل المضارب الذي هو بيع سلع وشراؤها، وكذلك أعمال مصرفية حرة، ليست فيها شبهة، ثم إن كل مساهم يعطى سهما من الربح على العموم، وعلى حد سواء، فمثل هذا لا شبهة فيه ويقوم مقام تلك البنوك الربوية ونحوها.
وكذلك للإنسان أن يعدل عن التعامل مع البنوك الربوية بأغراض أخرى منها:
* استعمال المدخرات الخاصة به بنفسه، كأن يتاجر بها أو يعطيها من يتجر بها من الباعة ونحوهم، وهو ما يسمى بالمضاربة. وهو بذلك يستغني عن إيداع أمواله في تلك البنوك الربوية.
* وللمسلم كذلك أن يساهم بأمواله في شركات إسلامية بعيدة عن الشبهات.
* وله أيضا أن يشترك مع غيره في مشروعات كالمقاولات بتجميع بعض رءوس الأموال لعدد من الأشخاص ونحو ذلك حتى لا يبقى ماله مدخرا بدون فائدة.
نسأل الله أن يجنبنا المكاسب المحرمة، وأن يحفظنا عن الحرام أيا كان، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.