تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
العلم فضله وآدابه ووسائله
21784 مشاهدة
الأسباب التي تكون وسيلة إلى العلم

وبعد أن عرفنا أهمية وفضل تعلمه نذكر بعض الأسباب التي تكون وسيلة إلى تعلمه وتحصيله، وتسمى آدابا ووسائل يتوصل به طالب العلم إلى أن يبارك الله -تعالى- في أيامه، ويبارك في علومه، ولو كانت علوما قليلة:
أولا: الإخلاص في تعلم العلم فإن الإخلاص شرط في قبول الأعمال كلها ومن جملتها العلم، أمر الله بالإخلاص في الدين في قوله -تعالى- فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وفي قوله سبحانه: قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ؛ وذلك بإصلاح القصد وإخلاص النية في طلب العلم.
فإن هناك مَن ينوي بتعلمه شَغْلَ الوقت، يقول عندي وقت فراغ أشغله بهذا التعلم، وليس له قصد في المنفعة، ولا شك أن هذا قصد قاصر، قصد ناقص إذا كان لمجرد شَغْلِ الوقت؛ لأن هؤلاء إذا وجد أحدهم ما يشغل به وقته غير العلم انشغل به، فكأنه وجد فراغا فأخذ المصحف أو أخذ الكتاب حتى يشغل هذا الفراغ، ولو وجد كتابا ليس علميًّا لَشَغَلَ به وقته، ولو وجد من يحدثه لشغل وقته بهذا الكلام الدنيوي أو اللهو.
ومن الناس من يكون قصده بتعلمه أمرا دنيويا؛ يعني يقول أتعلم حيث إنه يُبذَل في هذا التعلم مكافأة، أو أجرة، أو مال أو نحو ذلك، فيكون من الذين تعلموا العلم لأجل الدنيا، ولا شك أن هذا يفسد النية، ولا يحصل له الفضل الذي ورد في فضل تعلم العلم.
ومن الناس من يكون قصده بالتعلم مجرد شهادة أو مؤهل يحصل به على ترقية أو وظيفة أو نحو ذلك، وهذا أيضا مقصد دنيء لا يليق بالمؤمن أن يقصد هذا المقصد؛ وذلك لأنه لا يبارك له في علمه إذا كان يدرس لمجرد أن يحصل على كفاءة أو توجيه، أو ما أشبه ذلك، فيكون قصده قصدا دنيئا، وغير ذلك من المقاصد الدنيوية.