إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
طلب العلم وفضل العلماء
12276 مشاهدة
منزلة العالم

وللعالم الذي يحمل هذا العلم منزلة رفيعة قد بُينت في عدة مواضع: من ذلك أن حملة العلم شهداء الله -تعالى- الذين أشهدهم على وحدانيته، وقرنهم بنفسه وبملائكته، اقرءوا قوله تعالى: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ فأشهد نفسه على أنه الواحد لا إله إلا هو، وأشهد معه ملائكته، وأشهد أولي العلم خاصة، ولم يستشهد بأولي الجهل، ولا أولي التجاهل، ولا شك أن هذا شرف لك أيها العالم، شرف لأولي العلم؛ حيث قرن الله -تعالى- شهادتهم بشهادة الملائكة، وما ذاك إلا أنهم هم الذين عرفوا حق الله على عباده، وعرفوا أيضا وحدانيته، وعرفوا الأدلة الدالة على ذلك، وعرفوا ما خلق الناس لأجله، فنطقوا بهذه الشهادة وأعلنوا العمل بها، ودعوا الناس إليها، فلا جرم أن أصبحوا من شهداء الله -تعالى- على وحدانيته، وكفى بذلك شرفا وفخرا.
ومن الأدلة على فضل أهل العلم أنهم أهل خشية الله الذين يخشونه، ولا يخشاه غيرهم، اقرءوا قول الله تعالى: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ سورة فاطر المعنى أن الخشية خاصة محصورة في أهل العلم دون غيرهم، أما أهل الجهل فلا تكون معهم الخشية المطلوبة المنجية من عذاب الله؛ ذلك لأن العالم يحمله علمه على مخافة الله، وعلى تقواه، وعلى التورع عمَّا حرمه، وعلى الإقدام على العبادة، وعلى التجاوب والتقبل لما جاءه عن ربه، وتحمله هذه المعرفة على شدة الخوف من الله دون غيره، وهذا ما جعل أهل العلم هم أهل خشية الله دون غيرهم.
والخشية عبادة من أنواع العبادات، بل هي من أجل العبادات. وقد ذكر الله أنها سبب لثواب عظيم وأجر كبير، ألا وهو دخول الجنة والنجاة من النار.
فقال -تعالى- في آخر سورة البينة: جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ أي: هذا الثواب الجزيل كله لمن خشي ربه، أي: لأهل الخشية. ومن هم أهل الخشية؟ إنما يخشى الله من عباده العلماء، فأهل هذا الجزاء هم العلماء، هم الذين يحملهم علمهم على مخافة الله وعلى خشيته، وكفى بذلك ثوابا جزيلا.
كذلك كذب الله التسوية بينهم وبين غيرهم في قوله تعالى: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ وحذف الجواب لأنكم تعرفونه، والمعنى: لا يستوون، بل أهل العلم أفضل وأقدم وأرفع درجة وأكثر معرفة وأصوب عملا؛ حيث إنهم يعملون على بصيرة وبرهان، وأما الذين يعملون على جهل فأكثرهم أعمالهم مردودة، لا سيما إذا ظنوا أنهم على علم، وهم على جهل، وهو الجهل المركَّب، وقد يوصف بالجهل غير المركب وهو الجهل البسيط.