شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
ذم اتباع الهوى
8138 مشاهدة
اتباع الهوى يقود إلى العمل بالمحرمات

* يراد بالهوى: الميل الإنساني الذي لا تفكير معه؛ وذلك لأن الإنسان متى لم يفكر في العواقب واتبع هواه فإن ذلك الهوى سيقوده إلى العواقب السيئة وإلى الشرور.. وفي ذلك يقول الشاعر:
إذا أنتَ طاوَعْتَ الهَوى قَادَكَ الهَوَى إلى كلِّ مـا فِيه عَلَيك مَقَــال

* ومن أجل ذلك جعل الهوى من جملة الأشياء التي تهلك الإنسان، وتتسلط عليه، وقد ذكر بعضهم أنها أربعة، ونظمها في هذا البيت:
إبليسُ والدُّنْيـا ونَفْسِي والهَوَى كَيْفَ الخَلاصُ وكُلُّهم أَعْدَائِي؟

فالأعداء تتكالب على الإنسان حتى تهلكه، إذا لم يكن معه بصيرة ومعرفة بعداوتها..
* وهذا الناظم جعل الأعداء أربعة، وبدأهم بإبليس!
* ولا شك في عداوة إبليس، فإنه هو الذي يزين للإنسان الهوى واتباعه.
* فالشر الذي يجر إليه الهوى واتباعه، لا شك أن أصله والدافع إليه هو الشيطان الرجيم؛ فهو الذي يملي للإنسان، ويحمله على أن يتمادى مع هواه، وأن يميل إلى ما يلائمه، ويخلد إليه.
* قد عُرفت عداوة الشيطان قديما، وقد حذرنا الله -تعالى- منه أشد تحذير، وأخبرنا أنه أعدى الأعداء.
قال -تعالى- أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا [الكهف: 50].
* فأخبرنا بأنه لهم عدو من أشد الأعداء غواية.. وكذلك الدنيا أيضا عدو للإنسان؛ لأنها ضرة الآخرة.
* فالدار الآخرة لها أعمال، ولها أهل، وكذلك الدار الدنيا لها أهل يألفونها، ويميلون إليها.
وإذا أطاع الإنسان الميل إلى الدنيا، فإنه ينشغل عن الميل إلى الدار الآخرة، والاستعداد لها.
* لذلك تكون الدنيا من أعدى الأعداء للإنسان، كما ذكر الشاعر.
* كذلك النفس.. وقد يتعجب الإنسان ويقول: كيف تكون نفسي عدوة؟!
فالجواب: أن النفس يراد بها النفس الأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي..
* ومعنى هذا أن الإنسان إذا أطاع نفسه مالت به إلى الشر، وأمرته به، وحذرته من الخير، وكسَّلته عن العمل به. فتعد النفس من جملة الأعداء الذين يردون الإنسان ويوقعونه في الهلاك، أو ما يقرب من الهلاك.
* إذن فالذي يدفع إلى الهوى: الشيطان، والدنيا، والنفس اللوامة.
* ويكون الهوى هو الشهوة المطاعة، التي إذا اتُّبِعَتْ، أوقعت في الهلاك، أو قاربت
منه.