الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
حوار في الاعتكاف
54951 مشاهدة
اعتكاف طلاب العلم


س 19: إذا كان هذا المعتكف من طلاب العلم فهل يقضي وقته في الدروس العلمية أم التفرغ للعبادة؟
جـ 19: معلوم أن الاعتكاف شرع للتفرغ للعبادة والبعد عما يشغل عنها كالذكر والدعاء والصلاة والقراءة والخشوع والتفرغ الذي يصفي القلب وينقي الفكر ولكن إن قرأ في بعض الكتب الوعظية جاز ذلك لأنها ترقق القلب وتؤثر في البدن بالانحسار والخضوع والإخبات والإنابة والاندفاع في العبادات والتحفظ عن الآثام وأنوع الإجرام فأما القراءة في كتب الأحكام والآداب والأدلة والخلاف فلا يقرأ فيها إلا إن احتاج إلى معرفة حكم عارض هو بحاجة إليه مما له تعلق بحالته أو بمسألة عرضت له، فأما قضاء الوقت في الدروس العلمية العادية فالأفضل تركها والتفرغ للعبادة التي اعتكف لأجلها والله أعلم.