إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
حقيقة الالتزام
19501 مشاهدة
حديث هذا سبيل الله مستقيمًا

3- حديث: هذا سبيل الله مستقيمًا:
   عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: خط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطًّا بيده، ثم قال: هذا سبيل الله مستقيمًا، وخطَّ عن يمينه وشماله، ثم قال: هذه السبل، ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه، ثم قرأ: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ .    هذه السبل التي كل منها عليه شيطان يدعو إليها ليس بالضرورة أن يكون شيطان جن؛ بل قد يكون من شياطين الإنس ، وما أكثرهم في هذا الزمان وكل زمان ، فهم يدعون إلى مخالفة صراط الله والابتعاد عنه .
إنهم يدعون إلى الطرق المنحرفة وإلى الطرق الملتوية.
فهذا يدعو إلى الغناء واللهو! وذاك يدعو إلى الكسل الخمول! وآخر يدعو إلى الزنا والعُهْر والفاحشة! وآخر يدعو إلى التبرج والسفور! ومنهم من يدعو إلى ترك العبادات، كترك الصلاة أو التخلف عن الجماعات! وما أكثر من يستجيب لهم من ضعاف الإيمان!! ولكن المستقيم والملتزم بشرع الله ، والمتمسك تمسكًا قويًّا ، يستطيع أن يتفلت من هؤلاء إذا دعوه إلى أهوائهم وشهواتهم وإلى الطرق المنحرفة ، وذلك لأن سير المسلم على هذا الصراط سير سريع لا يتمكن دعاة الضلال من إيقافه.
      إن الشاب المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف ؛ وهم واقفون على جانبي الطريق : فإن أنصتَ لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير ، وفاته الشيء الكثير من الأعمال الصالحة.
أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته نحو ربه ونحو صراط الله المستقيم فهنيئًا له الوصول إلى صراط ربه، المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف .
فعلى المسلم أن يثبت سيره ويثبت استقامته.
فإذا دعاك أهل الضلال إلى ترك الصلاة أو ترك الجماعات أو البخل وقالوا: أمسك عليك مالك حتى ينفعك وتستفيد منه ، أو دعوك إلى ترك السنن والعبادات ونوافلها كالتهجُّد في الليل أو صيام التطوع وغير ذلك ، فلا تلتفت واثبت في سيرك .
 فهذا وصف الملتزم والمستقيم حقًّا الذي لا يصده شيء عما هو قد هم به من الأعمال الصالحة.