إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا logo إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
shape
محاضرة في السعيرة
7073 مشاهدة print word pdf
line-top
من واجب المسلم على أخيه تعليمه

فمن ذلك تعليم الجهال، إذا رأينا جاهلا لا نسكت ونتركه على جهله، بل نعلمه ونفقهه ونوقفه على ما أمر الله به وما رغب فيه، وكذلك نحذره من الشرور وما أشبهها؛ فإن هذا من واجبنا الديني الذي أوجب الله علينا، وهذا الواجب الذي هو الحق المتعدي، الحق لإخواننا المسلمين من أوجب الحقوق؛ ولهذا أحب أن أتوسع فيه في هذه الكلمة؛ حتى يعرف المسلم أنه مطالب بحقوق لإخوانه المسلمين، فمن ذلك تعليم جاهلهم، إذا تركنا الجاهل يتخبط في الجهل كنا مسئولين عنه، إذا علمنا بأنه لا يعرف، لا يعرف الصلاة ولا يعرف كيفيتها أو لا يعرف أركانها أو لا يطمئن فيها, ثم سكتنا عنه فإننا مسئولون عن ذلك وعلينا إثم على هذا السكوت، ورد أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: ويل للعالم من الجاهل حيث لا يعلمه والويل شدة العذاب، يعني: أنه يستحق العذاب حيث إنه لم يعلم إخوانه الجاهلين الذين يعرف أنهم لا يقيمون العبادة، فواجب عليك أن ترشده، وأن تسأله حتى إذا تحققت أنه قد أقام العبادة أمرته بعد ذلك بأن يقوم معك يعلم الآخرين، هذا من واجبنا.
ومعلوم أن العلم الذي نعلمه هو العلم الشرعي، فنعلمهم صفة الطهارة وكيف يرتفع الحدث، ونعلمهم نواقض الوضوء وكيف يتطهر إذا انتقض وضوءه، ونعلمهم أيضا ما يجب عليهم في صفة الصلاة، كيفية الصلاة التي تجزيء.
إذا علمنا أن بعضهم لا يحسن قراءة الفاتحة، أو لا يحسن الأذكار التي في الصلاة فلا نتركهم هكذا.
كثير من الناس لا يدري ما يقول في ركوعه ولا في سجوده ولا في جلوسه ولا في قيامه؛ لأنه إما أنه تعلم ونسي، وإما أنه لم يتعلم، فيلزمنا بأن نعلمهم حتى تقبل منهم عباداتهم، كذلك نعلمهم بقية الأحكام التي يجهلونها.
إذا كانوا يجهلون أحكام الأيمان، وأحكام النذور، فنعلمهم كيف يعملون فيها، وهكذا نعلمهم الأدعية, إذا كانوا يجهلون الدعاء كيفيته وأسباب إجابة الأدعية وقبولها، فتعلمهم مما علمك الله.
كذلك أيضا إذا كانوا يجهلون أحكاما تتعلق ببيوتهم كالذين يهملون أولادهم ولا يعلمونهم ولا يأمرونهم بالخير، أو يوقعونهم في شر أو فساد أو نحو ذلك، لا نبرأ ولا تبرأ ذممنا إلا إذا أرشدناهم.
وكذلك نقول في بقية ما يجهلونه سواء من العبادات التي يجهلون كيفية أدائها، أو من المحرمات التي يقعون فيها عن جهل أو عن تقليد، فلا يسعك أيها العارف -ولو كنت لا تحسن إلا شيئا قليلا من العلم- لا تسكت عنهم وتتركهم يفعلون شيئا من هذه المحرمات، وأنت تعرف أنها محرمات وهم لا يعرفون تحريمها، فلا يجوز لك أن تسكت وتتركهم يتخبطون في هذا الجهل، هذا من واجب المسلم على إخوته المسلمين.

line-bottom