القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
فصول ومسائل تتعلق بالمساجد
14533 مشاهدة
ثالثا: التحلق في المساجد للحديث في أمور الدنيا وإنشاد الشعر

ففي حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عند أحمد وأهل السنن مرفوعا: نهى عن الشراء والبيع في المسجد، وأن تنشد فيه ضالة، وأن ينشد فيه شعر، ونهى عن الحلق قبل الصلاة يوم الجمعة . قال الساعاتي في الفتح الرباني في الأشعار: أي المذمومة كالمباهاة والافتخار، لا ما كان في الزهد وذم الدنيا، والدفاع عن الإسلام، كما فعل حسان .
وقد روى البخاري في بدء الخلق من صحيحه، ومسلم في الفضائل عن سعيد بن المسيب قال: مر عمر في المسجد وحسان ينشد فلحظ عليه، فقال: كنت أنشد وفيه خير منك . . إلخ.
وروى الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينصب لحسان منبرا في المسجد، فيقوم عليه يهجو الكفار .
ولعل ذلك لما في شعره -رضي الله عنه- من الحماس والانتصار للرسول -صلى الله عليه وسلم- والرد على المشركين، وتفنيد شبهاتهم، وإظهار خزيهم.
وحمل الحافظ ابن حجر في الفتح النهي عن أشعار الجاهلية والمبطلين، والمأذون ما سلم من ذلك، وقيل: النهى عن ما إذا كان التناشد غالبا على المسجد حتى يتشاغل به فيه اهـ.
وأما ما رواه الترمذي في آخر الأدب، والنسائي في كتاب السهو من سننه عن جابر بن سمرة قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا صلى الفجر جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس، فيتحدث أصحابه يذكرون حديث الجاهلية، وينشدون الشعر، ويضحكون ويتبسم .
فلعل ذلك للتحدث بنعمة الله، وذكر ما كان عليه أهل الجاهلية، وأشعارهم المشتملة على النصائح، لا على القبائح، وذكر في المرقاة: أن من كلامهم تعجبهم من جهلهم حيث يصورون أصناما من تمر ثم يأكلونها عند الجوع، وحيث يعبدون أصناما ينحتونها وتبول عليها الثعالب، وكل ذلك تحدث بنعمة الإسلام.
وأما النهى عن التحلق يوم الجمعة قبل الصلاة فيظهر أنهم كانوا يتحلقون في المسجد يتناجون إذا جمعهم المسجد للصلاة، فربما حضرت الصلاة وهم متحلقون، وذلك مما يشوش على المصلين، حيث أمروا إذا دخلوا في المسجد لصلاة أن يقوموا في الصفوف، ويكملوا الصفوف الأول فالأول، ولا يتفرقون، وذلك لأن التحلق يشغلهم عن القراءة والتنفل بالصلاة، ويسبب تقطع الصفوف، فيخرج الإمام وهم حلق يتناجون.
وقد يكون حديثهم في أمور دنيوية، يتساءلون فيها، لبعد عهدهم بالتلاقي، فيغتنمون ذلك التلاقي، فربما قطع الصفوف، مع كونهم مأمورين بالتبكير يوم الجمعة، والتراص في الصفوف، فالتحلق يخالف هيئة اجتماع المصلين، فمن حضر للصلاة فعليه أن لا يهتم بسواها، فالتحلق فيه غفلة عن الأمر الذي جاءوا لأجله، الذي هو العبادة والإنصات للخطبة.
ولا يدخل في ذلك التحلق للعلم في الصباح، حيث إنهم لم يحضروا للصلاة، وإنما جاءوا للاستفادة والتعلم، وبعده ينصرفون إلى أهليهم، ثم يذهبون للصلاة بعد ذلك بزمن طويل أو قصير، فلا ينهى عن التعلم في صباح الجمعة، سيما إذا كان في مسجد لا تقام فيه الجمعة، وإنما تقام فيه حلقة علمية صغيرة أو كبيرة يستفاد منها، كما يستفاد من الخطب ونحوها.
وأما جلوس الناس في المسجد والتحدث في أمور الدنيا، فذلك مما ينافي العبادة التي بنيت لها المساجد، لأنها إنما بنيت لذكر الله والصلاة والقراءة والعلم، فاتخاذها مجالس عادية كالبيوت والأسواق يدل على الاستهانة بها، وعدم احترامها، فكما نهي فيها عن البيع والشراء ونشد الضالة، فكذلك ينهى فيها عن القال والقيل، والاغتياب، وحديث الدنيا، وقد روى ابن حبان في صحيحه عن ابن مسعود مرفوعا: يكون في آخر الزمان قوم يكون حديثهم في مساجدهم، ليس لله فيهم حاجة .
ولا خلاف أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يجلس في المسجد للتعليم، ويتحلق أصحابه حوله، ويحضرون تعليمه، حتى ولو كانوا جنبا بعد أن يتوضئوا، حرصا على الاستفادة وأدلة ذلك كثيرة.