اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
فوائد من شرح منار السبيل الجزء الثالث
13538 مشاهدة
باب زكاة السائمة

\185 باب زكاة السائمة


فائدة:
ابتدأ المؤلف بذكر الإبل؛ لأنها أشهر الأموال الزكوية، وهي أنْفَس أموال العرب وبها تفاخر وتنافس.
وللإبل خصائص: لحمها ينقض الوضوء، ونُهي عن الصلاة في مباركها وورد ضرب المثل في نفاستها الحديث: لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم وورد أيضا أن الكبرياء في أهل الإبل .
* * * 429\185 (تجب فيها بثلاثة شروط: ... الثاني: أن تسوم..)

قال شيخنا -حفظه الله-
والسوم هو الرعي: ومنه قوله -تعالى- فِيهِ تُسِيمُونَ أي: ترعون. وقوله -تعالى- وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ أي: المرعية. والتقييد بالسوم يخرج المُعْلَفة.
ولو أسامها ستة أشهر وأعلفها أياما ففيها الزكاة، أما إذا أعلفها أكثر من نصف الحول فليس فيها زكاة.
* * * 430\185 (الثالث: أن تبلغ نصابا..)

قال شيخنا -حفظه الله تعالى- ومن حكمة الله -تعالى- أنه لم يشترط الزكاة في كل مال، بل في مال الأغنياء، والغني هو من يملك نصابا، لحديث معاذ فأخبرهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وتُرد على فقرائهم .
* * * فائدة:
حديث أبي سعيد: ليس فيما دون خمس ذود زكاة وسميت الإبل ذودا؛ لأنها تُذاد عن المورد، أي: تُطرد.
* * * 431\185 (الثالث: أن تبلغ نصابا. فأقل نصاب الإبل خمس، وفيها شاة...)

قال شيخنا -حفظه الله تعالى- وخصت الإبل بأن زكاتها تخرج من غير جنسها، إلى أن تبلغ خمسا وعشرين، والحكمة في ذلك أن الغالب فيمن يملك إبلا أنه يملك غنما، ومن لم يكن عنده غنم فإنه يشتري؛ ولأن إخراجها منها فيه جَوْر واعتداء إذا كانت خمسا أو عشر، فالزكاة تساوي نصف العشر أو ربعه.
* * * 432\185 (الثالث...، فتجب بنت مخاض-...)

قال شيخنا -حفظه الله تعالى- سميت بنت مخاض، أي: أن أمها قربت ولادتها. والمخاض: قرب الولادة. ومنه قوله -تعالى- عن مريم فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ ولا يشترط أن تكون أمها ماخضا أو لبونا، بل ذلك على التغليب، أي: أن الغالب على أمها ذلك الوصف.
* * * 433\185 (وفي مائة وإحدى وعشرين...) لحديث أنس أن أبا بكر الصديق كتب له حين وجهه إلى البحرين .

قال شيخنا -حفظه الله تعالى- وكتب عمر -رضي الله عنه- في عهده كتابا لعبد الله بن عمرو بن العاص في أنصبة الزكاة، وهو ككتاب الصديق وليس بين الكتابين خلاف، إلا شيئا يسيرا في الأوقاص، وإسناد رواية أنس كما في البخاري عن محمد بن عبد الله بن المثنى عن أبيه، عن ثمامة بن أنس عن أنس بن مالك فذكر الحديث.
434\186
(وفي مائة وإحدى وعشرين..) لحديث أنس فما دونها من الغنم... .

قال شيخنا -حفظه الله تعالى- والذي نحفظ: في أربع وعشرين من الإبل فما دونها الغنم أي: فزكاتها من الغنم.