عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
تفسير كلمة التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب
76485 مشاهدة
كلمة التوحيد هي العروة الوثقى ودليل ذلك

<مسألة نوع=أصولية> ...............................................................................


يقول: وهي العروة الوثقى. أصل العروة: الحلقة من حَبْلٍ، أو من حديد، أو نحوها إذا تمسك بها الإنسان فإنه ينجو. الحلقة المستديرة المتلاقية الطرفين، إذا كانت معلقة في سقف أو نحوه تُسَمَّى عروة. ومنه أيضا: الْعُرَى: التي تكون في أطراف الأكياس، يقال: هذا الكيس فيه عروة، ويقال أيضا: إن في هذا الحبل عُرًى يُتَمَسَّكُ بها.
فجعل الله كلمة التوحيد عروة وثقى، ذكرها الله -تعالى- في قوله: وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى هكذا أخبر بأن هذا تمام الاستمساك اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ يعني: يخلص دينه لله، ويستسلم أمره لله، ويوجه وجهه إليه، ويحسن في عبادته، ويصدق في معاملته، ويتوجه إلى ربه بِكُلِّيَّتِهِ وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى فكلما نقص استسلام الإنسان وجهه لله نقص تمسكه، وكذلك كلما نقص إحسانه، يعنى: إحسانه للعبادة نقص –أيضا- تمسكه. وكذلك يقول الله تعالى: لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا هكذا أخبر.
علامة ذلك: ما ذكر.. الكفر بالطاغوت، والإيمان بالله: فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا .
الكفر بالطاغوت: هو الكفر بكل ما يعبد من دون الله من المألوهات؛ سواء كانت عبادته قلبية، أو عبادته بدنية، أو عبادته قولية. كل هذه تكون قدحا في الاستمساك بـ لا إله إلا الله. الكفر بالطاغوت يستلزم إنكار عبادة كل ما سوى الله تعالى.
وقد فسر الشيخ -رحمه الله- ابن عبد الوهاب في رسالة أخرى الطاغوت بقوله:
الطاغوت: كل ما تجاوز به العبد حَدَّهُ، من معبود، أو متبوع، أو مطاع.
وذكر أن الطواغيت كثير، ورءوسهم خمسة:
إبليس لعنه الله، ومَنْ عُبِدَ وهو راضٍ، ومَنْ دعا الناس إلى عبادة نفسه، ومن ادعى شيئا من علم الغيب، ومن حكم بغير ما أنزل الله.
والضابط: أن كل من تجاوز حده، وارتفع عن طوره، وخرج عن وصف العبودية، وادعى شيئا من الألوهية، وادعى شيئا من حقوق الله -تعالى- فإنه طاغوت، بمعنى: أنه قد طغى، وتجاوز الحد، ورفع نفسه، وتَرَفَّعَ على ربه. فإن الطغيان: هو مجاوزة الحد. قال تعالى: إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى يعني: يتجاوز حَدَّهُ الذي حُدَّ له،
لَيَطْغَى : أي: يتكبر ويترفع، وقال تعالى: فَأَمَّا مَنْ طَغَى وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى طغى -يعني- تجاوز ما حُدَّ له.
فالمخلوق ضعيف، إنسان مخلوق ليس له من الأمر شيء؛ فليس له أن يرفع نفسه، فإذا رفع نفسه فقد طغى، إذا رفع نفسه فوق قدرها؛ فلذلك لا يكون الإنسان من أهل التوحيد إلا إذا كفر بالطواغيت، وآمن بالله وحده، إذا اعتقد أن الله وحده هو الإله الحق، وأن ما سواه من الآلهة فإن إلاهيته باطلة. هذا هو حقا التأله، فمن كان كذلك فقد تمسك بالعروة الوثقى.
فمعنى كفر بالطاغوت: هو النفي، هو النفي في لا إله. ومعنى يؤمن بالله: هو الإثبات في إلا الله. فيكون هذا هو معنى: لا إله إلا الله؛ فلأجل ذلك جعلها الله تعالى هي العروة الوثقى. وإذا تمسك بها؛ فإنه لا ينفلت، إذا تمسك بها تمسكًا قويا، وإنها لا تنفصل، أي: لا تنفصل تلك العروة ولا تنكسر ولا تنقطع؛ بل توصله إلى ما يرجوه من الثواب عاجلا وآجلا.
وفي الأذكار المشهورة ما يؤيد ذلك.. حفظ عن عروة بن الزبير العالم المشهور -رضي الله عنه- أحد الفقهاء السبعة، ذكر بعض الناس، ذكر بعضهم: أنه خرج في ليلة من الليالي، وإذا هو يسمع أصوات بعض الشياطين، وإذا شيطان يقول لجنوده: مَنْ لعروة بن الزبير ؟ من يأتيه؛ حتى يفسد عليه عقيدته وعقله؟! فقال أحدهم: أنا أكفيكه. يقول: فتوجه نحو المدينة وأنا أنظر، ثم أوشك الرجعة، فقال: لا قُدْرَةَ لكم على عروة بن الزبير ؛ وجدته يقول كلمات لا أقدر معها على إفساد عقله، أو عقيدته.
يقول ذلك الراوي: فذهبت إلى المدينة وأتيت عروة وأخبرته بما رأيت، فسألته: ما الكلمات التي أنتَ تقولها؛ حتى تحصنت بها عن الشياطين؟ فذكر أنه يقول: آمنت بالله وحده، وكفرت بالجبت والطاغوت، واستمسكت بالعروة الوثقى لا انفصام لها، والله سميع عليم. يقول: إذا أمسيتُ قلتُها ثلاثة، وإذا أصبحت قلتها ثلاثة. وكأنه -رحمه الله- أخذها من هذه الآية: فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى آمنت بالله وحده، وكفرت بالجبت والطاغوت، واستمسكت بالعروة الوثقى لا انفصام لها، والله سميع عليم. ويمكن أنه أخذها من أبيه الزبير, أو من أُمِّهِ أسماء بنت أبي بكر، وأن منهم من أخذها مرفوعة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-. فهذا دليل على أهمية هذه الكلمة، وأنها العروة الوثقى.